Name |
Remembering Saint Maron, Father of the Maronite Church |
Arabic name |
تَذكارُ القِدِّيسِ مارونَ أَبِي الكَنِيسَةِ المارُونِيَّة |
Day date |
شباط 9 |
Biography |
تَذكارُ القِدِّيسِ مارونَ أَبِي الكَنِيسَةِ المارُونِيَّة وُلِدَ القِدِّيسُ مارونُ في مِنْطَقَةِ حِمْصَ في سُورِيَّا، وقَدْ كَتَبَ سِيرَةَ حَيَاتِهِ تِيُودُورِيتُسُ أُسْقُفُ قُورُشَ (393-466)، داعِيًا إِيَّاهُ مارونَ الناسِك، دُونَ أَنْ يَعرِفَهُ شَخْصِيًّا، لَكِنَّهُ عَرَفَ تِلمِيذَهُ يَعْقُوب، ومِنْهُ أَخَـذَ سِـيـرَتَـهُ التـي أَوْرَدَهَـا في "تـاريـخِ أَصْـفِياءِ الله". يَـدْعُـوهُ تِـيُـودُورِيـتُـسُ "مـارونَ الإلَهِيّ"، ويَـقُـول: "لَقَدْ زَيَّنَ مارونُ طُغْمَةَ القِدِّيسِينَ المُتَوَشِّحِينَ بِالله، ومارَسَ ضُرُوبَ التَقَشُّفِ والإِماتاتِ تَحْتَ جَوِّ السَمَاء، دُونَ سَقْفٍ سِوَى خَيْمَةٍ صَغِيرَةٍ لَمْ يَكُنْ يَسْتَظِلُّهَا إِلَّا نادِرًا"؛ ويُضِيفُ قائِلًا: "إِنَّ البارَّ مارونَ الناسِكَ كَانَ كاهِنًا مِنْ بِلادِ سُورِيَّا الثانِيَة، وكَانَ في سِيرَتِهِ راهِبًا ساكِنًا في قِمَّةِ جَبَلِ قُورُشَ مِنْ أَعْمالِ أَنْطَاكْيَة، هُنَاكَ اسْتَقَرَّ عَلَى رابِيَةٍ كَانَ الوَثَنِيُّونَ قَدْ أَقَامُوا عَلَيهَا هَيْكَلًا. فَحَوَّلَهُ إِلَى هَيْكَلٍ لِلَّهِ الحقِيقِيّ، وصَنَعَ لَهُ هُنَاكَ مَنْسَكًا صَغِيرًا، كَانَ يَلْجَأُ إِلَيهِ قَلِيلًا، فِيمَا جَرَى عَلَى قَضَاءِ أَيَّامِهِ عَامَّةً في العَراء. كَانَ يُواصِلُ الجِهَادَ في خِدْمَةِ اللهِ لَيْلًا ونَهَارًا، فَمَنَحَهُ اللهُ مَوْهِبَةَ الشِفَاء، ولِهَذا كَانَ يَأْتِيهِ الكَثِيرُونَ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ لِيَسْتَشْفُوا مِنْ أَمْراضِهِم، يُخرِجُ الأَرْواحَ الشِرِّيرَةَ ويَشْفِي مِنْ كُلِّ مَرَضٍ بِصَلاتِهِ، لَيْسَ أَمراضَ الجَسَدِ فَقَط، بَلْ أمراضَ النَفْسِ أيضًا". عاشَ إذًا مارونُ في جَبَلِ قُورُشَ في أواخِرِ القَرْنِ الرابِع، ولَهَجَ بِذِكْرِهِ سُكَّانُ المِنْطَقَةِ حَوالَى سَنَةِ 370، إذْ خَطَّ نَهْجًا نُسْكِيًّا تَمَيَّزَ بِالتَقَشُّفِ القاسي؛ لِذا، يُعْتَبَرُ مارونُ ناسِكَ قُورُشَ بِامتِيازٍ وأَبَا النُسَّاكِ فِيهَا، والرائِدَ لِطَريقَةٍ نُسْكِيَّةٍ جَدِيدَةٍ في الحيَاةِ الرُهْبَانِيَّةِ السُريانِيَّةِ ومُؤَسِّسًا لَهَا، إذْ إِنَّهُ أَطْلَقَ نَمَطًا حَيَاتِيًّا رُوحِيًّا، وَهُوَ العَيْشُ في العَراء، أي في الطَبِيعَةِ دُونَ سَقْفٍ أَوْ غَطاء، مِمَّا دَفَعَ بِالعَدِيدِ مِنَ المُؤْمِنِين، رِجالًا ونِسَاءً، إِلَى التَتَلْمُذِ عَلَى يَدِه. وشَهِدَ تِيُودُورِيتُسُ الأُسْقُفُ المؤرِّخُ عَلَى أَنَّ مارونَ "قَدْ غَرَسَ للهِ البُسْتانَ المُزْدَهِرَ في أَنْحاءِ المِنْطَقَةِ قاطِبَة"؛ فَتَدَفَّقَ إِلَيهِ عَدَدٌ كَبِيرٌ مِنَ الشُبَّانِ بِهَدَفِ التَرَهُّب، فَأَنْشَأَ لَهُمْ مَنَاسِكَ وصَوامِعَ عَلَى الطَرِيقَةِ الانفِرادِيَّة، بِحَسَبِ عادَةِ تِلْكَ الأَيَّام، ثُمَّ أَنْشَأَ أديارًا وسَنَّ لَهُمْ قانُونًا، وقامَ يُرشِدُهُمْ إِلَى طَرِيقِ الكَمَال. وتَعَدَّدَتْ تِلْكَ الأَديارُ المارونِيَّة، ولا سِيَّمَا في شَمَالِيِّ سُورِيَّا، حَتَّى إِنَّ تِيُودُورِيتُسَ كَانَ يَغْتَبِطُ بِوُجُودِهَا في أَبْرَشِيَّتِه، وكَتَبَ سِيرَةَ تَلامِيذِ مار مارونَ الَّذِينَ اشْتَهَرُوا بِقَدَاسَتِهِم. وعِنْدَمَا نُفِيَ القِدِّيسُ العَظِيمُ البَطْرِيَرْكُ يُوحَنَّا الذَهَبِيُّ الفَمِ مِنْ كُرْسِيِّه، أَرْسَلَ مِنْ مَنْفاهُ إِلَى مارونَ الكَاهِنِ والناسِكِ رِسَالَةً بَينَ العَامَينِ 401 و 407، يَطْلُبُ فِيهَا أَنْ يَذْكُرَهُ في صَلاتِهِ، وَهِيَ رِسَالَتُهُ السَادِسَةُ والثَلاثُون، وَهِيَ تَدُلُّ عَلَى عِظَمِ شَرَفِ هَذا القِدِّيسِ في عَصْرِهِ. ومِمَّا جَاءَ في تِلْكَ الرِسَالَة: "إنَّ رِباطَاتِ المَودَّةِ والصَداقَةِ التي تَشُدُّنا إِلَيك، تُمَثِّلُكَ نُصْبَ عَينَينَا كَأَنَّكَ حاضِرٌ لَدَينا، لأنَّ عُيُونَ المَحَبَّةِ تَخرُقُ مِنْ طَبْعِهَا الأَبْعادَ ولا يُضعِفُهَا طُولُ الزَمَان. وكُنَّا نَوَدُّ أَنْ نُكَاتِبَكَ بِكَثْرَةٍ لَوْلا بُعْدُ الشِقَّةِ ونُدْرَةُ المسافِرِينَ إِلَى نَواحِيكُم. والآنَ فإنَّا نُهْدِي إلَيكَ أَطْيَبَ التَحِيَّاتِ ونُحِبُّ أَنْ تَكُونَ عَلَى يَقِينٍ مِنْ أَنَّنا لا نَفْتُرُ عَنْ ذِكْرِكَ أَيْنَمَا كُنَّا، لِمَا لَكَ في ضَمِيرِنا مِنَ المَنْزِلَةِ الرَفيعَة. فَلا تَضُنَّ أَنْتَ أَيْضًا عَلَينا بِأَنْباءِ سَــلامَتِكَ، فَــإِنَّ أَخــبارَ صِــحَّتِــكَ تُــولِــينَا، عَـــلَى البُعْد، أَجَلَّ سُرُورٍ وتَعْزِيَةٍ في غُرْبَتِنَا وعُزْلَتِنَا، فَتَطِيبُ نَفْسُنَا كَثِيرًا، إِذْ نَعْلَمُ أَنَّكَ في عَافِيَة. وجُلُّ ما نَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ إِلَى اللهِ مِنْ أَجْلِنَا" . وَبْعَدَ أَنْ أَتَمَّ مارونُ سَعْيَهُ مُزَيَّنًا بِالقَداسَة، رَقَدَ بِسَلامِ الرَبِّ حَوالَى سَنَةِ 410؛ ويَقُولُ تِيُودُورِيتُسُ إِنَّهُ رَقَدَ في شَيْخُوخَةٍ مُتَقَدِّمَة. عَلَى الأَثَرِ نَشَأَ نِزاعٌ بَيْنَ القُرَى في جِوارِ مَنْسَكِهِ، وكُلٌّ حَاوَلَ الاستِئْثارَ بِجَسَدِهِ. ولَكِنْ كَانَتْ هُنَاكَ عَلَى الحُدُودِ بَلْدَةٌ كَثِيرَةُ الرِجال، أَقْبَلَتْ وانْتَزَعَتْ ذَلِكَ الكَنْزَ المرغوبَ فِيهِ جِدًّا، وَفْقَ شَهَادَةِ تِيُودُورِيتُس. رَحَلَ القِدِّيسُ مارون، ولَكِنْ ما إِنْ غادَرَ هَذِهِ الحياةَ حَتَّى انْتَشَرَتْ مَدْرَسَتُهُ فَتَقَاطَبَ إِلَيها الأُلُوفُ نُسَّاكًا ورُهْبَانًا، انْطِلاقًا مِنْ سُورِيَّا إِلَى لُبْنان، وقُبْرُس، وفَلِسْطِين، ومِصْر، فَإِلَى أُورُوبَّا وأَمِيركا، وأُسْتْرَالْيَا، والعَالَمِ أَجْمَع. إِلَى القِدِّيسِ مارونَ تَنْتَسِبُ كَنِيسَتُنا المارُونِيَّة، التي تَعْتَبِرُهُ أَبًا لَهَا، وتَتَمَيَّزُ ما بَيْنَ الكَنائِسِ المحلِّيَّةِ بِأَنَّهَا الوَحيدَةُ التي تَحمِلُ اسْمَ مُؤَسِّسِهَا، وبِشَفاعَتِهِ بَقِيَتْ واحِدَةً مُوَحَّدَةً. وسَنَةَ 2010 احتَفَلَتْ بِذِكْرَى مُرُورِ 1600 سَنَةٍ عَلَى وَفاةِ القِدِّيسِ مارونَ شَفِيعِهَا، وأُعيدَتْ هامَتُهُ مِنْ مِنْطَقَةِ فُولِينْيُو (إيطاليا) بَعْدَ 870 سَنَةً عَلَى غِيابِهَا، وأُودِعَتْ في كْفَرْحَي-البَتْرُون، الكُرْسِيِّ الأَبْرَشِيّ، بِسَعْيِ المِطْرانِ بُولُسَ إِميل سعاده، راعي أَبْرَشِيَّةِ البَتْرُونَ المارونِيَّة، ورِعايَةِ البَطْرِيَرْكِ مار نَصْرالله بُطْرُسَ صْفَير، بتاريخِ 8/1/2000، بَدْءِ السَنَةِ اليُوبِيلِيَّة. وما زالَ أبناءُ الكَنيسَةِ المارونِيَّة، مُقِيمِينَ ومُغْتَرِبِين، في أَرْبَعَةِ أَقْطارِ العَالَمِ يَسْتَشْفِعُونَ دائِمًا، أَباهُمُ القِدِّيسَ مارون، هاتِفِينَ إِلَيهِ: بِاْسِمكَ دُعِينا يا أبانا كُنْ في الضِيقاتِ مَلْجَانا وعَلَيكَ وَطَّدْنا رَجانا واخْتِمْ بِالخَيْرِ مَسْعَانا صَلاتُهُ مَعَنَا. آمين. |