Biography |
تَذكارُ القِدِّيسِ تِيُوفانُوسَ السِفْرْيَانِيّ وُلِدَ تِيُوفانُوسُ في مَدِينَةِ القُسْطَنْطينِيَّةِ سَنَةَ 759، زَمَنَ الإِمْبِرَاطُورِ قُسْطَنْطِينَ الخَامِسَ (741-775)، في كَنَفِ عَائِلَةٍ مِنَ النُبَلاءِ نَعِمَتْ بِالثَراء. وَكَانَ أَبُوهُ إِسْحَقُ والِيًا عَلَى جَزائِرِ اليُونَان، فَتَثَقَّفَ الابْنُ بِالعُلُوم، وَنَبَغَ فِيهَا؛ لَكِنَّ نَفْسَهُ كَانَتْ رَاغِبَةً في حَيَاةِ الصَلاةِ وَمُطَالَعَةِ الكُتُبِ المُقَدَّسَة. وَعَزَمَ أَنْ يُكَرِّسَ نَفْسَهُ للهِ في الحَيَاةِ الرُهْبَانِيَّة. لَكِنَّ أُمَّهُ حَمَلَتْهُ عَلَى التَزَوُّجِ بِابْنَةِ أَحَدِ أَشْرافِ المَدِينَة، فَأَقْنَعَ عَرُوسَهُ بِحِفْظِ الطَهَارَةِ المَلائِكِيَّةِ فأَذْعَنَتْ لَهُ وَعَاشَا كَأَخٍ وَأُخْت. عِنْدَهَا، سَعَى والِداهُ لَدَى الإِمْبِرَاطُورِ مِنْ أَجْلِ تَسْمِيَةِ تِيُوفانُوسَ حَاكِمًا عَلَى كِيزِيكُوسَ في آسْيَا الصُغْرَى، لِمُدَّةِ ثَلاثِ سَنَوات، آمِلَينَ بِأَنْ يُحَوِّلاهُ عَنْ دَعوَتِهِ النُسْكِيَّة، لَكِنْ جَاءَتِ النَتِيجَةُ مُعَاكِسَة، لِأَنَّ الحَاكِمَ الوَرِعَ تِيُوفانُوسَ عَرَفَ أَنْ يَسْتَفِيدَ مِنْ كُلِّ أَوْقَاتِ الفَراغِ التي أُتِيحَتْ لَهُ، فَزَارَ النَسَّاكَ في تِلْكَ الناحِيَة، وَتَعَرَّفَ إِلَى راهِبٍ اسْمُهُ غْرِيغُورْيُوس، وَأَخَذَ يَتَرَدَّدُ إِلَيه، مُرْتَشِدًا بِنَصَائِحِهِ، وَيُشَارِكُهُ في الصَلاةِ والتَأَمُّل. ثُمَّ عادَ إِلَى القُسْطَنْطينِيَّة. وَبَعْدَ وَفَاةِ والِدَتِهِ، اتَّفَقَ وَعَرُوسَهُ عَلَى اتِّخَاذِ السِيرَةِ الرُهْبانِيَّة، فَأَعْتَقَا عَبيدَهُما وَوَزَّعَا الأَمْوالَ الكَثِيرَةَ عَلَى الفُقَراء. وَدَخَلَتْ هِيَ دَيْرَ الراهِبات، وَذَهَبَ هُوَ إِلَى دَيْرِ سِفْرْيَانَةَ في قِمَّةٍ قَرِيبَةٍ مِنْ كِيزِيكُوس، وَامْتَازَ بِفَضَائِلِهِ بَيْنَ الرُهْبان، وَلِهَذَا يُدْعَى السِفْرْيَانِيّ، فَانْتَخَبُوهُ رَئِيسًا عَلَيهِم. وَشَيَّدَ هُنَاكَ دَيْرًا جَدِيدًا، وَأَخَذَ طُلَّابُ الرَهْبَنَةِ يَتَدَفَّقُونَ إِلَيه، لَكِنَّهُ لَمْ يَشَأْ أَنْ يَلْتَزِمَ العِنَايَةَ بِهِمْ، فَسَلَّمَ ذَلِكَ إِلَى راهِبٍ مُخْتَبَرٍ قَدِمَ مِنْ دَيْرٍ آخَر، أَمَّا هُوَ فَخَرَجَ لِلتَنَسُّكِ في الجِوار. وَمِنْ جَدِيد، تَحَلَّقَ حَوْلَهُ التَلامِيذ، فَأَخَذَ يَهْتَمُّ بِهِمْ. دُعِيَ إِلَى المَجْمَعِ المَسْكُونِيِّ السَابِعِ النِيقَاوِيّ (787)، وكانَ مِنَ البارِزِينَ في النِضَالِ عَنْ وُجُوبِ تَكْرِيمِ الإِيقُونات، فَسَجَنَهُ المَلِكُ لِيُونُ الأَرْمِينِيُّ في مَكَانٍ مُظْلِمٍ وَعَذَّبَهُ كَثِيرًا، إِذْ حَرَمَهُ مِنَ الطَعَامِ مَرَّاتٍ كَثِيرَةً وَعَرَّضَهُ لِلضَرْبِ بِالسِّيَاط؛ ثُمَّ نَفَاهُ، بَعْدَ أَنْ أَحْرَقَ دَيْرَهُ، إِلَى جَزِيرَةِ سَامُوفْراط، فَثَبَتَ مُنَاضِلًا عَنْ حَقِيقَةِ الإِيمانِ الكَاثُولِيكِيِّ القَوِيم. وَوَضَعَ في سِجْنِهِ تَارِيخَ الكَنِيسَة. رَقَدَ بِالرَبِّ سَنَةَ 818. صَلاتُهُ مَعَنَا. آمين. |