| Biography |
تَذكارُ إِرْمِيَا النَبِيّ إِرْمِيَا، ومَعْنَى اسْمِهِ "أَللهُ يَرْفَعُ"، هُوَ ابْنُ حِلْقِيَّا، مِنْ عَنَاتُوت، قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ عَلَى بُعْدِ 6 كِيلُومِترٍ شَمَاليِّ أُورَشَلِيم. وُلِدَ حَوالَى سَنَةِ 650 (ق.م.)، في عَائِلَةٍ كَهَنُوتِيَّة. وتَلَقَّى مَهَمَّةَ الرِسَالَةِ وَهُوَ في عُمْرِ الشَبَاب، نَحْوَ سَنَةِ 627. هُوَ ثَاني الأَنْبِيَاءِ الأَرْبَعَةِ الكِبَار: أَشَعْيَا، وإِرْمِيَا، وحَزْقِيَّال، ودانِيَّال. عاشَ في وَسَطِ شَعْبٍ كانَ يَجْتَازُ أَصْعَبَ حَقَبَةٍ مِنْ تَارِيخِهِ. وامْتَدَّتْ رِسَالَتُهُ عَلَى 40 سَنَة. كانَتْ إِلَيهِ كَلِمَةُ الرَبِّ قَائِلًا: "قَبْلَ أَنْ أُصَوِّرَكَ في حَشَا أُمِّكَ، عَرَفْتُكَ، … وقَدَّسْتُكَ: جَعَلْتُ مِنْكَ نَبِيًّا لِلأُمَم". فَقالَ إِرْمِيا: "آهِ! أَيُّهَا الرَبُّ الإِلَه! لا أَعْلَمُ كَيْفَ أَتَكَلَّم، أَنَا مَا زِلْتُ فَتًى"! فَقَالَ لَهُ الرَبّ: "حَيْثُمَا أُرْسِلُكَ تَذْهَبُ؛ كُلُّ ما آمرُكَ بِهِ تَقُولُهُ، لا تَخَفْ مِنْ أَحَد، فَأَنَا مَعَكَ لأُنْقِذَكَ". ولَمَسَ الرَبُّ فَمَهُ وقالَ لَهُ: "هَكَذَا أَضَعُ كَلِمَاتي في فَمِكَ. إِعْلَمْ أَنَّني أُعْطِيكَ اليَوْمَ السُلْطَانَ عَلَى الأُمَمِ وعَلَى المَمَالِك، لِتَسْتَأْصِلَ وتَهْدِم، لِتُخَرِّبَ وتَنْقُضَ، لِتَبْنِيَ وتَغْرِس" (إر 1: 4-10). هَذِهِ المُقَدِّمَةُ تُعْطِي أَبْعَادًا لِلإِنْسانِ إِرْمِيَا ولِلرِسَالَةِ التي أَوْكَلَهَا اللهُ إِلَيه. لَقَدْ كَتَبَ إِرْمِيَا النَبِيُّ في خِلالِ أَوْضَاعٍ مَأْسَاوِيَّة؛ فَكِتَابُهُ يُعْطِي انْطِبَاعًا عَنْ هَذِهِ الفَوْضَى، جَمَعَهَا تَلامِيذُهُ فِيمَا بَعْد، ومِنْهُمْ بَارُوك، خِلالَ حُكْمِ يُوشِيَّا (627-609)، ويُويَاقِيم (609-598)، وصِدْقِيَّا ابْنِ يُوشِيَّا (597-587). تَحْتَ حُكْمِ يُوشِيَّا كانَ التَبْشِيرُ بِالإِصْلاح، فابْتَدَأَ بِالتَذْكِيرِ اللَطِيفِ بِالآياتِ التي حَقَّقَهَا اللهُ إِبَّانَ الخُرُوجِ وفي الصَحْراء. أَمَّا فَتْرَةُ حُكْمِ يُويَاقِيمَ فَاصْطَبَغَتْ بِالبُؤْس: الضَرائِبُ المُضْنِيَةُ تُجَاهَ فِرْعَوْن، مِنْ جِهَة، وعَسَاكِرُ نَبُوكَدْنَصَّرَ وفِرَقُ الأَدُومِيِّين، والأَمُّونِيِّين، والمُوآبِيِّين، الَّذِينَ عَمِلُوا الانْتِهَاكَاتِ عَلَى أَنْواعِهَا. وخِلالَ هَذِهِ الفَتْرَةِ مِنَ الاضْطِهَاداتِ كَتَبَ إِرْمِيَا "اعْتِرافَاتِهِ" أَوْ "حِوَارَاتِهِ مَـعَ الله" (إر 12: 1-5؛ 20: 7-18)؛ فَـصَلاتُـهُ تُـشْـبِـهُ صَـلاةَ يَسُـوعَ في بُـسْـتَـانِ الـنِـزاع. تَــنَـبَّـأَ قَـبْـلَ وبَـعْـدَ السَبْيِ الأَوَّلِ والثَاني. ورَغْمَ تَنْبِيهَاتِ إِرْمِيَا، فَكَّرَ صِدْقِيَّا، ابْنِ يُوشِيَّا (597-587)، بِتَحْرِيضِ فِرْقَةٍ مِصْرِيَّةٍ لِلْقَضَاءِ عَلَى الكَلدانِيِّين. فَعَادَ نَبُوكَدْنَصَّرُ وطَوَّقَ أُورَشَلِيمَ سَنَةَ 588، وهَدَمَ أَسْوارَ أُورَشَلِيمَ بِالكَامِل، وأَشْعَلَ النَارَ في هَيْكَلِهَا، وفي القُصُور، وسَبَى اليَهُودَ إِلَى بَابِل، ومَعَهُمْ مَلِكَهُمْ صِدْقِيَّا أَسِيرا. وهَكَذَا اخْتَفَى مُلْكُ يَهُوذَا سَنَةَ 587. إِتُّهِمَ إِرْمِيَا بِالانْهِزامِيَّة، والخِيَانَة، فَقُبِضَ عَلَيْهِ، وأُلْقِيَ في السِجْن، ثُمَّ في بِئْرِ مَاء، حَيْثُمَا كَانَ سَيَمُوتُ لَوْلَا تَدَخُّلُ أَثْيُوبيٍّ. عُومِلَ بِاحْتِرامٍ مِنْ قِبَلِ البَابِلِيِّين، لَكِنَّهُ لَحِقَ بِمُواطِنِيهِ الَّذِينَ هَرَبُوا إِلَى مِصْر. ولا نَمْلِكُ مَعْلُومَاتٍ وَثِيقَةً عَنْ حَيَاتِهِ في ما بَعْد. يُعْتَبَرُ إِرْمِيَا إِحْدَى الشَخْصِيَّاتِ التي تُذَكِّرُنَا بِالمَسِيحِ المُتَأَلِّم. يَكْفِي الاطِّلاعُ عَلَى كِتَابِهِ وَهُوَ مُؤَلَّفٌ مِنْ اثْنَينِ وخَمْسِينَ فَصْلًا، ثُمَّ كِتَابِ المَراثِي المَنْسُوبِ إليه، وَهُوَ مُؤَلَّفٌ مِنْ خَمْسِ مَراثٍ أَوْ قَصَائِد، لِمَعْرِفَةِ عُمْقِ مَعْنَى كِتَابَاتِهِ حَوْلَ كَلِمَةِ الله، وقَدْ أَخَذَتْ مِنْ حَيَاتِهِ مَأْخَذَهَا، وهَذا ما جَعَلَهُ شَهِيدَ الإِنْذارِ بِكَلِمَةِ الحَقّ. صَلاتُهُ مَعَنَا. آمين. |
