Biography |
تَذكارُ القِدِّيسَةِ أَنْتُوسَا هِيَ ابْنَةُ أَبَوَينِ تَقِيَّين، هُمَا سْتْرَاتِيجْيُوسُ وفَبْرُونْيَا. عَاشَتْ في أَيَّامِ المَلِكِ قُسْطَنْطِينَ الخَامِسِ (741-775) مُحَارِبِ الإِيقُونات. رَغِبَتْ، وَهِيَ يَافِعَة، في أَنْ تَعْتَزِلَ العَالَمَ بِحَيَاةِ التَوَحُّدِ في القِفَارِ والجِبَال. وإِنَّ راهِبًا كَاهِنًا، اسْمُهُ سِيسِينْيُوس، مُجَمَّلًا بِالفَضَائِل، كانَ عَابِرًا بِتِلْكَ الأَنْحَاء، فَسَأَلَتْهُ أَنْتُوسَا قَانُونًا يُدْخِلُهَا إِلَى الحَيَاةِ الرُهْبَانِيَّة، فَأَعْطاهَا قَانُونَ صَلاةٍ وسِيرَةٍ نُسْكِيَّة. وبَعْدَ الاخْتِبَار، أَشَارَ عَلَيْهَا بِأَنْ تَذْهَبَ إِلَى جَزِيرَةٍ صَغِيرَةٍ عَلَى بُحَيْرَةٍ شَرْقَيِّ بِيتِينْيَة، وأَنْبَأَهَا بِأَنَّهَا سَوْفَ تَكُونُ رَئِيسَةَ دَيْرٍ عَلَى تِسْعِمَائَةِ راهِبَة. بَلَغَتِ الجَزِيرَة، وعَاشَتْ فِيهَا في إِمْسَاكٍ شَدِيد، تَحْمِلُ السَلاسِلَ الحَدِيدِيَّة، وتَلْبَسُ الخَشِنَ وتُسَلِّمُ نَفْسَهَا لِتَقَشُّفٍ قَاسٍ. فَلَمَّا انْقَضَى زَمَنٌ سَأَلَتْ سِيسِينْيُوسَ البَرَكَةَ لِتُشَيِّدَ كَنِيسَةً مُكَرَّسَةً لِلْقِدِّيسَةِ حَنَّة، أُمِّ والِدَةِ الإِلَه. وما إِنِ اكْتَمَلَ البِنَاءُ حَتَّى أَخَذَتْ نُبُوءَةُ سِيسِينْيُوسَ تَتَحَقَّق، فَاجْتَمَعَتْ حَوْلَ أَنْتُوسَا ثَــلاثُــونَ تِــلْـمِــيـذَة. وكَــبُـــرَتِ الجَمَــاعَــة، إِثْرَ مَوْتِ أَبِيهَا الرُوحِيّ، فَابْتَنَتْ كَنِيسَتَينِ أُخْرَيَيْن: واحِدَةً عَلَى اسْمِ والِدَةِ الإِلَهِ لِلرَاهِبَات، وواحِدَةً عَلَى اسْمِ الرُسُلِ القِدِّيسِينَ لِلرُهْبَان، تَلامِيذِ القِدِّيسِ سِيسِينْيُوسَ الَّذِينَ قَرَّرُوا، بَعْدَ وَفَاةِ مُعَلِّمِهِم، أَنْ يَجْعَلُوا أَنْفُسَهُم في عُهْدَةِ القِدِّيسَةِ أَنْتُوسَا. إِشْتَهَرَتْ بِقَدَاسَتِهَا وغَيْرَتِهَا عَلَى تَكْرِيمِ الإِيقُونات. فَطَلَبَهَا المَلِكُ وأَخَذَ يَتَمَلَّقُهَا ويَتَهَدَّدُهَا لِتُقْلِعَ عَنْ تَكْرِيمِهَا لِلإِيقُونات، فَلَمْ تُذْعِنْ لَهُ، بَلْ وَبَّخَتْهُ بِكُلِّ جُرْأَةٍ عَلَى كُفْرِهِ. فَغَضِبَ المَلِكُ وأَمَرَ بِتَعْذِيبِهَا، فَحَمَوا بِالنَارِ إِيقُوناتٍ مِنْ نُحَاس، وَوَضَعُوهَا عَلَى رَأْسِهَا وتَحْتَ قَدَمَيْهَا، فَلَمْ تُؤْذِهَا. فَجَلَدُوهَا جَلْدَا قَاسِيًا، فَلَمْ تَتَزَعْزَعْ عَنْ عَزْمِهَا وإِيمَانِهَا. حَكَمَ عَلَيْهَا المَلِكُ الظَالِمُ بِالنَفْيِ، فَكَانَتْ في مَنْفَاهَا مُعْتَصِمَةً بِجَمِيلِ الصَبْر، عَاكِفَةً عَلَى مُمَارَسَةِ الفَضَائِل. في تِلْكَ الأَيَّامِ وُجِدَتِ الإِمْبِرَاطُورَةُ في خَطَرِ المَوْت، وَهِيَ حُبْلَى، فَتَنَبَّأَتْ لَهَا أَنْتُوسَا أَنَّهَا سَتَلِدُ صَبِيًّا وبِنْتًا مَعًا، وأَعْطَتْهَا تَفَاصِيلَ عَمَّا سَتَكُونُ عَلَيْهِ حَيَاةُ كُلٍّ مِنْهُمَا في المُسْتَقْبَل. فَتَحَوَّلَ بِإِلْهَامٍ رَبَّانيٍّ قَلْبُ الإِمْبِرَاطُورَةِ إِلَيْهَا وأَضْحَتْ حَامِيَةً لِلدَيْر، وخَصَّصَتْ لَهُ قُرًى وعَطايَا شَتَّى. وذاعَ صِيْتُ أَنْتُوسَا وتَراكَضَ النَاسُ إِلَيْهَا، بَعْضُهُم لِنَيْلِ بَرَكَتِهَا وبَعْضُهُم لِلانْضِمَامِ إِلَى رَهْبَنَتِهَا، وبَعْضُهُم لِتَلَقِّي صَلَواتِهَا. وبِمِثْلِ هَذِهِ المَبَرَّاتِ رَقَدَتْ بِالرَّبِّ سَنَةَ 760، ودُفِنَتْ في القِلَّايَةِ التي قَضَتْ فَيهَا عُمْرَهَا. صَلاتُهَا مَعَنَا. آمين. |