Biography |
تَذكارُ ارتِفاعِ الصَلِيبِ المُقَدَّس يَرْتَبِطُ هَذا العِيدُ بِحَدَثَينِ تَارِيخِيَّينِ هَامَّين: أَوَّلُهُمَا ظُهُورُ الصَلِيبِ لِلْمَلِكِ قُسْطَنْطِين (306-337) مُحَاطًا بِكِتَابَةٍ بَارِزَةٍ في حَرْفٍ مِنْ نُور: "بِهَذِهِ العَلامَةِ تَنْتَصِر!" فَانْتَصَرَ وآمَن. أَوْفَدَ بَعْثَةً بِرِئَاسَةِ والِدَتِهِ إِلَى الأَرْضِ المُقَدَّسَة، مُلْتَمِسًا عُودَ الصَلِيب. فَوَقَعَتِ البَعْثَةُ عَلَى ثَلاثَةِ صُلْبَان. فَحَارَتْ هِيلانَة، والِدَةُ قُسْطَنْطِين، في أَمْرِها، أَيٌّ مِنَ الثَلاثَةِ يَكُونُ صَلِيبَ الرَبِّ يَسُوع. في تِلْكَ الأَثْنَاءِ كانَتْ جَنَازَةٌ مَارَّةٌ في الجِوار، فَقَامَ مَكَارْيُوس، أُسْقُفُ المَدِينَة (+ 331)، إِلَى الجَنَازَةِ فَوَقفَ المُشَيِّعون. ثُمَّ جِيءَ بِالصُلْبَانِ الثَلاثَة، فَمَسَّ القِدِّيسُ مَكَارْيُوسُ بِهَا الجُثَّة. ومَا إِنْ لامَسَ المَيْتَ أَحَدُ تِلْكَ الصُلْبَانِ حَتَّى ارْتَعَشَ المَيْتُ وقَامَ حَيًّا. فَأَيْقَنَ الجَمِيعُ في ذُهُولٍ أَنَّ هَذا هُوَ صَلِيبُ الرَبِّ يَسُوعَ حَقًّا. والحَدَثُ الثَاني هُوَ أَنَّهُ في سَنَةِ 614، دَخَلَ كِسْرَى الثَاني (590-628)، مَلِكُ الفُرْس، أُورَشَلِيمَ ظَافِرًا وأَسَرَ أُلُوفَ المَسِيحِيِّينَ وفي مُقَدِّمَتِهِمِ البَطْرِيَرْكُ زَكَرِيَّا (609-631)، ونَقَلَهُم إِلَى بِلادِهِ، وأَخَذَ عُودَ الصَلِيبِ المُقَدَّسِ غَنِيمَةً، وبَقِيَتْ في حَوْزَتِهِ أَرْبَعَ عَشَرَةَ سَنَة. ولَمَّا انْتَصَرَ هِرَقْلِيُوسُ المَلِكُ (610-641) عَلَى الفُرْس، كانَتْ أَهَمُّ شُرُوطِهِ إِطْلاقَ المَسِيحِيِّينَ الأَسْرَى وإِرْجَاعَ ذَخِيرَةِ عُودِ الصَلِيب. ولَمَّا جَاءَ الإِمْبِرَاطُورُ هِرَقْلِيُوسُ إِلَى أُورَشَلِيمَ لِيُرَكِّزَ عُودَ الصَلِيبِ في مَوْضِعِهِ عَلَى جَبَلِ الجُلْجُلَة، قَامَ لِمُلاقَاتِهِ الشَعْبُ وعَلَى رَأْسِهِمِ البَطْرِيَرْكُ زَكَرِيَّا. فَاسْتَقْبَلُوهُ بِأَبْهَى مَظَاهِرِ الفَرَحِ والبَهْجَةِ بِالمَشَاعِلِ والتَرَانِيمِ البِيعِيَّة، وسَارُوا حَتَّى طَرِيقِ الجُلْجُلَة. وهُنَاكَ تَوَقَّفَ المَلِكُ بَغْتَةً بِقُوَّةٍ خَفِيَّةٍ ومَا أَمْكَنَهُ أَنْ يَخْطُوَ خُطْوَةً واحِدَة. فَتَقَدَّمَ البَطْرِيَرْكُ وقَالَ لِلْمَلِك: "إِنَّ السَيِّدَ المَسِيحَ مَشَى هَذِهِ الطَرِيقَ حَامِلًا صَلِيبَهُ، مُكَلَّلًا بِالشَوْك، لابِسًا ثَــــــوْبَ السُخْرِيَةِ والهَوَان، وأَنْتَ لابِسٌ أَثْــوابَــكَ الأُرْجُــوانِــيَّــةَ وعَـــلَـــى رَأْسِـــكَ الـــتَــاجُ المُرَصَّعُ بِالجَوَاهِر، فَعَلَيْكَ أَنْ تُشَابِهَ المَسِيحَ بِتَوَاضُعِهِ وفَقْرِهِ". فَأَصْغَى المَلِكُ إِلَى كَلامِ البَطْرِيَرْك، وارْتَدَى ثَوْبًا وَضِيعًا ومَشَى مَكْشُوفَ الرَأْس، حَافِيَ القَدَمَين، فَوَصَلَ إِلَى الجُلْجُلَة، حَيْثُ رَكَّزَ الصَلِيبَ في المَوْضِعِ الذِي كانَ فِيهِ قَبْلًا، ودَشَّنَ عِيدَ ارْتِفَاعِ الصَلِيبِ المُقَدَّسِ في 14 أَيْلُول، ويُعْرَفُ أَيْضًا بِعِيدِ "الصَلِيبِ المُمَجَّد". فَالشُكْرُ لِلرَبِّ يَسُوعَ الذِي قَال: "وأَنَا إِذا رُفِعْتُ عَنِ الأَرْض، جَذَبْتُ إِلَيَّ الجَمِيع" (يو 12: 32). بَرَكَةُ الصَلِيبِ مَعَنَا. آمين. |