Name |
Commemoration of Saint John the Golden Mouth, Patriarch of Constantinople |
Arabic name |
تَذكارُ القِدِّيسِ يُوحَنَّا الذَهَبِيِّ الفَم بَطْرِيَرْكِ القُسْطَنْطِينِيَّة |
Day date |
تشرين الثاني 13 |
Biography |
تَذكارُ القِدِّيسِ يُوحَنَّا الذَهَبِيِّ الفَم بَطْرِيَرْكِ القُسْطَنْطِينِيَّة وُلِدَ يُوحَنَّا في مَدِينَةِ أَنْطَاكْيَةَ نَحْوَ سَنَةِ 345، ونَشَأَ في أُسْرَةٍ وَثَنِيَّةٍ شَرِيفَة. كانَ أَبُوهُ سِكُونْدُوسُ قائِدًا في الجَيْشِ الرُومانيِّ الشَرْقِيّ، وأُمُّهُ أَنْثُوسَا قَدْ تَرَمَّلَتْ وَهِيَ في رَيَعَانِ الصِّبَا، ويُوحَنَّا لا يَزالُ ابْنَ سَنَتَين. فَعُنِيَتْ بِتَرْبِيَةِ طِفْلِهَا ووَحِيدِهَا، تَرْبِيَةً عَالِيَة. تَتَلْمَذَ يُوحَنَّا في أَنْطَاكْيَة، وَهُوَ في الرابِعَةَ عَشْرَةَ مِنْ عُمْرِهِ، لِلفَيْلَسُوفِ الأَفْلاطُونيِّ الجَدِيدِ لِيبَانْيُوس، ودامَتْ تَلْمَذَتُهُ إِلَى سِنِّ الثَامِنَةَ عَشْرَة، أَي سَنَةَ 363، ثُمَّ راحَ يَتَعَمَّقُ في دَرْسِ فَلْسَفَةِ الإِنْجِيلِ وتَعَالِيمِهِ السَامِيَة، ونالَ سِرَّ المَعْمُودِيَّةِ في السَنَةِ نَفْسِهَا، عَلَى يَدِ القِدِّيسِ مِلاتْيُوسَ الأُسقُفِ الأَنْطَاكِيّ. وبَعْدَ وَفَاةِ والِدَتِهِ، هَجَرَ العَالَمَ واعْتَزَلَ لِلصَلاةِ والتَأَمُّلِ والشُغْلِ اليَدَوِيّ، وتَأْلِيفِ الكُتُبِ العَدِيدَة، في القِفَارِ جَنُوبيِّ أَنْطَاكْيَة، واسْتَمَرَّ هَكَذَا مُدَّةَ أَرْبَعِ سِنِين، دائِبًا عَلَى حِــفْــظِ الــكُتُبِ المُقَدَّسَة؛ وبِسَبَــبِ الــتَــقَــشُّـفِ المُفْرِطِ مَرِضَ وخَابَتْ آمالُهُ، فَعَدَلَ بَعْضَ الشَيْء، وَوَضَعَ حَدًّا لِلنُسْكِ الطَمُوح. وفي سَنَةِ 381، مَنَحَهُ البَطْرِيَرْكُ مِلاتْيُوسُ الدَرَجَةَ الشَمَّاسِيَّة، وهَذا ما سَمَحَ لَهُ بِالاحْتِكَاكِ مُبَاشَرَةً بِمُخْتَلِفِ المَهَامِّ الكَنَسِيَّة، ومَعْرِفَةِ إِدارَةِ الجَمَاعَة، وأَوْقَافِ الكَنِيسَة، وتَنْظِيمِ اللِيتُورْجِيَّا، والتَعْلِيمِ المَسِيحِيّ، والسَهَرِ عَلَى العَذارَى والأَرامِل، وكانَتْ لَهُ فُرْصَةً لِتَعْمِيقِ مَعْلُومَاتِهِ العَقَائِدِيَّةِ والبِيبْلِيَّة، والخَوْضِ في الكِتابَةِ لِمُعَالَجَةِ المَشَاكِلِ التي كانَتْ تَعِيشُهَا الكَنِيسَةُ في حِينِهَا، ومِنْ بَيْنِهَا كِتَابُهُ الشَهِيرُ حَوْلَ الكَهَنُوت. لاحَظَ البَطْرِيَرْكُ فْلافْيَانُوسُ الأَوَّل (381-404)، خَلِيفَةُ مِلاتْيُوس، هَذا الشَابَّ النَاسِك، في نِطَاقِ أَبْرَشِيَّتِهِ، فَدَعَاهُ وَرَقَّاهُ إِلَى دَرَجَةِ الكَهَنُوت، في 28 شُبَاطَ سَنَةَ 386، وسَلَّمَهُ مِنْبَرَ الوَعْظِ في الكَنِيسَة، فَأَضْحَى الواعِظَ الأَشْهَرَ في أَنْطَاكْيَة، بِفَنِّهِ الخِطَابيِّ وحُجَجِهِ الدامِغَة، في الدِّفاعِ عَنْ تَعَالِيمِ الكَنِيسَة، ضِدَّ الأَرْيُوسِيِّينَ خاصَّة، واليَهُودِ المُتَنَصِّرِين، والأَغْنِيَاء، لِيَنْصُرَ الأَيْتَامَ والأَرامِل. فَلُقِّبَ بِـ"الذَهَبِيِّ الفَمّ". وكانَتْ مَوَاعِظُهُ مُشْبَعَةً بِرُوحِ الحِكْمَةِ الإِلَهِيَّةِ في شَرْحِ الكُتُبِ المُقَدَّسَة، ولا سِيَّمَا رَسَائِلِ مار بُولُسَ الرَسُول. وعَلَى أَثَرِ وَفَاةِ القِدِّيسِ نِكْتَارْيُوس (381-397) بَطْرِيَرْكِ القُسْطَنْطِينِيَّة، أَجْمَعَ البَلاطُ المَلَكِيّ، بِقَرارٍ مِنَ الإِمْبِرَاطُورِ أَرْكَادْيُوس (395-408) ومَعَهُ الشَعْب، عَلَى انْتِخَابِهِ بَطْرِيَرْكًا، وكانَ ذَلِكَ في 26 شُبَاطَ سَنَةَ 398. فَاسْتَقْبَلَتْهُ القُسْطَنْطِينِيَّةُ بِأَبْهَى مَظَاهِرِ الحَفَاوَة. وراحَ يُعْنَى بِالطُقُوسِ والتَرانِيمِ البِيعِيَّة، وإِلَيهِ يُنْسَبُ النَافُورُ المَعْرُوفُ بِاسْمِهِ، وتَسْتَعْمِلُهُ الكَنِيسَةُ الشَرْقِيَّة، وكَنِيسَتُنَا المارُونِيَّة. وخَصَّ الفُقَراء، بِعِنَايَتِهِ الأَبَوِيَّة، فَأَنْشَأَ لَهُمُ المَلاجِئَ والمَيَاتِمَ بِأَمْوالِ الوَقْفِ وبِمَا كانَ يُوَفِّرُهُ بِاقْتِصَادِهِ وعَيْشِهِ لِلفَقْر. ولَمْ يَنْفَكَّ عَنِ الوَعْظِ والتَأْلِيف، ومُكَافَحَةِ البِدْعَةِ الأَرْيوسِيَّة. لا يَهَابُ أَحَدًا في إِحْقَاقِ الحَقِّ ونُصْرَةِ المَظْلُوم. فَلَمَّا اغْتَصَبَتِ المَلِكَةُ إِفْدُوكْيَا، زَوْجَةُ الإِمْبِرَاطُورِ أَرْكَادْيُوس، كَرْمًا لأَرْمَلَة، مَنَعَهَا مِنْ دُخُولِ الكَنِيسَة، فَغَضِبَتْ وتَآمَرَتْ هِيَ وتِيُوفِيلُسَ بَطْرِيَرْكِ الإِسْكَنْدَرِيَّة، خَصْمِ يُوحَنَّا، عَلَى تَنْفِيذِ مَآرِبِهَا. فَعَقَدَ هَذا مَعَ بَعْضِ الأَسَاقِفَةِ مَجْمَعًا وقَرَّرُوا عَزْلَ يُوحَنَّا عَنْ كُرْسِيِّهِ وإِبْعَادَهُ عَنِ البِلاد، وحَصَلَ ذَلِكَ في 9 حُزَيرانَ سَنَةَ 404، فَوَدَّعَ المُؤْمِنِين، وتَلا صَلاتَهُ الأَخِيرَةَ في كَنِيسَةِ القِدِّيسَةِ صُوفِيَّا، وسِيقَ إِلَى المَنْفَى، إِلَى مَدِينَةِ بِيتْيُوسَ الواقِعَةِ عَلَى شَاطِئِ البَحْرِ الأَسْوَدِ الشَرْقِيّ. ولَمَّا دَرَى الشَعْبُ بِذَلِكَ الحُكْمِ الجَائِر، هَجَمَ عَلَى القَصْرِ وكادَ يَفْتُكُ بِمَنْ فِيهِ، وحَدَثَتْ زَلْزَلَةٌ فَخَافَتِ المَلِكَةُ وقَامَتْ تَكْتُبُ إِلَى البَطْرِيَرْكِ الــقِـدِّيـس، تَــرْجُــوهُ بِــالـدُمُـوع، أَنْ يَــعُــودَ إِلَى كُــرْسِــيِّـــهِ، وتَــعْــتَــذِرُ عَــمَّــا جَرَى بِحَقِّهِ. فَعَادَ بَيْنَ أَهَازِيجِ الشَعْب، وهَدَأَتِ الزَوْبَعَة. ولَمَّا نُصِبَ تِمْثَالُ المَلِكَةِ في سَاحَةِ الكَنِيسَة، وأَخَذَ الرُعَاعُ يُقِيمُونَ حَوْلَهُ أَلْعَابًا مُخِلَّةً بِالآداب، إِنْهَالَ عَلَيْهِمْ بِالتَقْرِيعِ الشَدِيدِ ومَنَعَهُم عَنْ مِثْلِ تِلْكَ الأَلْعَاب. فَاسْتَشَاطَتْ إِفْدُوكْيَا غَيْظًا، واسْتَصْدَرَتْ أَمْرًا مِنَ المَلِك، بِإِبْعَادِ القِدِّيسِ ثَانِيَة. وكانَ الجُنْدُ يُذِيقُونَهُ مِنَ الإِهَاناتِ والعَذاباتِ أَلْوَانًا، وَهُوَ صَابِرٌ، وقَدْ خَارَتْ قُوَاه، وشَعَرَ بِدُنُوِّ أَجَلِهِ. وفي ١٤ أَيْلُول، عِيدِ الصَلِيب، لَفَظَ هَذِهِ الكَلِمَات: "لِيَكُنِ اللهُ مُمَجَّدًا في كُلِّ شَيْء"، وأَسْلَمَ الرُوحَ سَنَةَ ٤٠٧، في مِنْطَقَةِ كُومَانَا. القِدِّيسُ يُوحَنَّا هُوَ شَفِيعُ الخُطَبَاءِ وأَلْمَعُ وَجْهٍ بَيْنَ أَوْجُهِ آباءِ الكَنِيسَة. وفي سَنَةِ 414، وبِطَلَبٍ مِنَ البَابَا إِينُوشِنْسْيُوسَ الأَوَّل (401-417)، أُعِيدَ الاعْتِبَارُ لِيُوحَنَّا في الكَنَائِسِ الكُبْرَى: القُسْطَنْطِينِيَّة، وأَنْطَاكْيَة، والإِسْكَنْدَرِيَّة. وفي سَنَةِ 451 اعْتَرَفَ بِهِ آباءُ مَجْمَعِ خَلْقِيدُونْيَةَ أَبًا مِنْ آباءِ الكَنِيسَة. لَهُ تَآلِيفُ قَيِّمَةٌ كَثِيرَةٌ ومَواعِظُ خَالِدَةٌ: كِتَابِيَّة، وعَقَائِدِيَّة، وَطَقْسِيَّة، ودِفَاعِيَّة، ورَسَائِلُ عَدِيدَة، ومِنْهَا رِسَالَتُهُ مِنْ مَنْفَاهُ إِلَى القِدِّيسِ مارونَ النَاسِكِ وَهِيَ تَفِيضُ بِعَواطِفِ مَحَبَّتِهِ وصَداقَتِهِ. إِنْتَشَرَتْ كِتَابَاتُهُ في الكَنِيسَةِ جَمْعَاء، كَوْنَهَا غِذاءً رُوحِيًّا لِلمُؤْمِنِين. صَلاتُهُ مَعَنَا. آمين. |