Biography |
تَذكارُ القِدِّيسَةِ أُولِمْبْيَاد وُلِدَتْ هَذِهِ القِدِّيسَةُ في القُسْطَنْطِينِيَّةِ حَوالَى العامِ 368، في أُسْرَةٍ شَرِيفَةٍ وغَنِيَّةٍ جِدًّا، وفَقَدَتْ والِدَيْهَا وَهِيَ طِفْلَة، فَاهْتَمَّ بِرِعَايَتِهَا بْرُوكُوبْيُوسُ صَدِيقُ القِدِّيسِ غْرِيغُورْيُوسَ النَزْيَنْزِيّ، وقَامَتْ بِتَعْلِيمِهَا تِيُودُوسْيَا، المَشْهُورَةُ بِتَقْوَاهَا المَسِيحِيَّة، فَصَارَتْ أُولِمْبْيَادُ بِفَضْلِهَا، مَثَلًا رائِعًا لِلفَتَاةِ الشَرْقِيَّةِ المُلْتَهِبَةِ بِنَارِ الحُبِّ الإِلَهِيّ، وَوَهَبَهَا اللهُ ذَكاءَ العَقْلِ ونَقَاوَةَ القَلْبِ وبَهْجَةَ الجَمَال. كانَ جَدُّهَا أَبْلافْيُوسُ والِيًا عَلَى القُسْطَنْطِينِيَّةِ مُقَرَّبًا مِنَ المَلِكِ تِيُودُوسْيُوسَ الأَوَّل (379-395)، كَمَا كانَ والِدُهَا سِيلِيكُوسُ والِيًا. إِقْتَرَنَتْ في سِنِّ السادِسَةَ عَشْرَةَ بِرَجُلٍ شَرِيفٍ يُدْعَى نِيبْرِيدُوس، والي القُسْطَنْطِينِيَّة، وناظِرُ أَمْلاكِ تِيُودُوسْيُوسَ الكَبِير (378-395). وما مَضَى عَلَى زَواجِهَا سَنَتَانِ حَتَّى تُوُفِّيَ زَوْجُهَا. فَأَرادَ المَلِكُ تِيُودُوسْيُوسُ أَنْ يُزَوِّجَهَا بِقَرِيبِهِ أَلْبِيدُوس، فَرَفَضَتْ بِشِدَّة، قائِلَة: "لَوْ كانَ اللهُ يُرِيدُني أَنْ أَعِيشَ زَوْجَةً لَمَا أَخَذَ مِنِّي نِيبْرِيدُوس!"، آثَرَتْ أَنْ تَنْصَرِفَ إِلَى عِبَادَةِ اللهِ بِحَسَبِ قَوْلِ الرَسُول (1 كور 7: 11). فَأَخَذَتْ تَعِيشُ عِيشَةً بَسِيطَةً قَشِفَة، تَصْرِفُ أَوقاتَهَا بِالصَلاةِ ومُطالَعَةِ الكُتُبِ المُقَدَّسَة، وَلَمْ يَكُنْ لِحَسَناتِهَا وَصَدَقاتِهَا مِنْ حَدّ، تَقْرِنُهَا بِالإِرْشاداتِ والنَصَائِحِ الرُوحِيَّة. تَقَدَّمَتْ مِنَ القِدِّيسِ نِكْتَارْيُوس، رِئِيسِ أَسَاقِفَةِ القُسْطَنْطِينِيَّة (381-397)، وَأَعْلَنَتْ لَهُ رَغْبَتَهَا في تَكْرِيسِ حَياتِهَا لِلَّه، فَأَقَامَهَا نِكْتَارْيُوسُ شَمَّاسَةً في الكَنِيسَة، وأَنْشَأَتْ في بَيْتِهَا "جَماعَةً مَحَلِّيَّة" مِـنَ الــعَــذارَى. وَلَـمَّـا سِيمَ القِدِّيسُ يُوحَنَّا الذَهَبِيُّ الفَمِ بَطْرِيَرْكًا عَلَى القُسْطَنْطِينِيَّة (398-404)، وَجَدَ في هَذِهِ الشَمَّاسَةِ الأَرْمَلَةِ قَلْبًا نارِيًّا في خِدْمَةِ العَذارَى والمَرْضَى والفُقَراء، تُقَدِّمُ أَمْوالَهَا لِلجَمِيعِ بِسَخَاء، وَلِذَلِكَ أَحَبَّهَا الأَبُ البَطْرِيَرْكُ جِدًّا، وَقَدْ رَأَى فِيهَا أُمُومَةً عَجِيبَةً لِلفُقَراء، وسَنَدًا لِلمُتَأَلِّمِين، واتِّزانًا وحِكْمَةً في التَدْبِير. وبِسَبَبِ وَلائِهَا لِلْبَطْرِيَرْكِ احْتَمَلَتِ النَفْيَ هِيَ أَيْضًا، بَعْدَ أَنْ قَاسَتْ مُرَّ الاضْطِهَاد، إِذْ بِيعَ بَيْتُهَا، وشُتِّتَتْ جَمَاعَتُهَا، ولَكِنَّهَا اسْتَمَرَّتْ مُعْتَصِمَةً بِالصَبْر، عَاكِفَةً عَلَى الصَلاةِ والتَأَمُّلِ في سِرِّ أَحْكَامِ الله. كَتَبَ إِلَيهَا فَمُ الذَهَبِ مِنْ مَنْفَاهُ في جِبالِ أَرْمِينْيَا يُشَجِّعُهَا، إِلَى أَنْ رَقَدَتْ بِالرَّبِّ في مَنْفَاهَا، في نِيقُومِيدْيَة، سَنَةَ 408. صَلاتُهَا مَعَنَا. آمين. |