Biography |
تَذكارُ القِدِّيسِ غْرِيغُورْيُوسَ البَانْيَاسِيّ وُلِدَ هَذا القِدِّيسُ في بَانْيَاسَ إِحْدَى المُدُنِ العَشْر، الواقِعَةِ شَرْقِيَّ بُحَيْرَةِ طَبَرَيَّة، في أَواسِطِ القَرْنِ الثَامِن، أَيَّامَ كانَتْ بِدْعَةُ مُحَارِبي الإِيقُوناتِ تَعِيثُ فَسادًا في الكَنِيسَة. كانَ والِداهُ سِرْجْيُوسُ ومَارِيَّا مَسِيحِيَّينِ تَقِيَّين، رَبَّياهُ عَلَى مَبَادِئِ الإِيمانِ القَوِيم، وكانَ لِلأُمِّ الدَوْرُ الأَكْبَرُ في تَنْشِئَتِهِ الرُوحِيَّة. أَبْدَى مَيْلًا لِدِراسَةِ الكُتُبِ المُقَدَّسَةِ والتَرَدُّدِ إِلَى الكَنِيسَة، وَهُوَ بَعْدُ في الثَامِنَةِ مِنْ عُمْرِهِ. ولَمَّا شَبَّ، وبَلَغَ سِنَّ الرُشْد، هَمَّ والِدَاهُ بِتَزْوِيجِهِ، فَهَرَبَ إِلَى البَرِّيَّة، واخْتَبَأَ في مَغَارَةٍ مُنْعَكِفًا عَلَى الحَيَاةِ النُسْكِيَّةِ بِمُمَارَسَةِ الصَلَواتِ والإِمَاتات، بِهَدَفِ أَنْ يُصْبِحَ راهِبًا، وقَضَى هُنَاكَ 14 سَنَة، وقَدْ تَمَيَّزَ عَنْ رِفَاقِهِ بِمُمَارَسَةِ الفَضَائِل، ولا سِيَّمَا فَضِيلَةِ الطاعَةِ والتَواضُع، وكانَ يَنْتَصِرُ عَلَى المِحَنِ والتَجَارِبِ بِقُوَّةِ الصَلاةِ والإِمَاتاتِ المُتَّزِنَة. بَعْدَ فَتْرَةٍ مِنِ انْضِمامِهِ إِلَى الدَيْر وعَيْشِهِ مَعَ الرُهبان، طَلَبَ مِنْ رَئيسِهِ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ بالاسْتِحْباس، فَسَمَحَ لَهُ رَئِيسُ الدَيْرِ بِالانْصِرَافِ إِلَى الحَيَاةِ النُسْكِيَّة، فَأَقَام في مَغَارَةٍ في الجِوار. وبِإِلْهَامٍ مِنَ الله، خَرَجَ مِنْ مَغَارَتِهِ وطافَ البِلاد، مُتَنَقِّلًا بَيْنَ أَفَسُس، وتْرَاقْيَا، وسَالُونِيك، وكُــورِنْــتُــس، وكَــالابْــرِيَــا، ورُومــا، حَــيْــثُ اعْــتَــزَلَ فـي قِــلَّايَــةٍ ثَــلاثَةَ أَشْهُر، دُونَ أَنْ يَدْرِيَ بِأَمْرِهِ أَحَد. وتَابَعَ إِلَى سِيرَاكُوزَا حَيْثُ حَبَسَ نَفْسَهُ في بُرْجٍ مَهْجُورٍ لِيَنْعَمَ بِالسَكِينَة، مُوَاظِبًا عَلَى أَفْعَالِ العِبَادَةِ والنُسْك، عَائِشًا مِمَّا يَتَصَدَّقُ بِهِ عَلَيهِ النَاس، فَأَنْعَمَ اللهُ عَلَيهِ بِمَوْهِبَةِ فِعْلِ المُعْجِزات. ومِنْ جَدِيدٍ بَدَأَ النَاسُ يَشُقُّونَ طَرِيقَهُم إِلَيهِ ويَتَكَاثَرُون، فَهَرَبَ، وعَادَ إِلَى سَالُونِيك، وأَقَامَ في كَنِيسَةٍ مَهْجُورَةٍ عَلَى اسْمِ القِدِّيسِ مِينَاس، كانَ لا يَخْرُجُ مِنْهَا إِلَّا مَتَى جَاع. ومِنْ هُنَاكَ انْتَقَلَ إِلَى القُسْطَنْطِينِيَّة، حَيْثُ تَعَرَّفَ بِكَاهِنٍ يُدْعَى سِمْعَان، فَعَاشَ مَعَهُ؛ وكَانَا يَتَسَابَقَانِ في مُمَارَسَةِ الفَضَائِلِ وأَنْواعِ الإِمَاتات. وحَمَلَتْهُمَا غَيْرَتُهُمَا عَلَى الدِفَاعِ عَنْ تَكْرِيمِ الإِيقُوناتِ والمُحَافَظَةِ عَلَى تَعْلِيمِ الكَنِيسَةِ الكَاثُولِيكِيَّة. وقَبْلَ أَنْ يُغَادِرَ إِلَى السَمَاءِ مَرِضَ وصَبَرَ عَلَى مَرَضِهِ، ورَقَدَ بِالرَّبِّ سَنَةَ 842. صَلاتُهُ مَعَنَا. آمين. |