Biography |
تَذكارُ القِدِّيسَةِ بِيلاجْيَةَ الأَنْطَاكِيَّة كَانَتِ البَتُولُ بِيلاجْيَةُ مِنْ أَنْطَاكْيَة، مِنْ أُسْرَةٍ اشْتَهَرَتْ في أَوائِلِ القَرْنِ الرابِعِ بِالغِنَى والأَخْلاقِ المَسِيحِيَّةِ العَالِيَة. رَغِبَ الكَثِيرُونَ مِنْ شُبَّانِ أَنْطَاكْيَةَ ومِنْ أَغْنِيَائِهَا وأَشْرافِهَا في خَطْبِ وِدِّهَا، فَأَعْرَضَتْ عَنْهُم، لأَنَّهَا كَانَتْ قَدْ عَاهَدَتِ المَسِيحَ الرَبَّ عَلَى أَنْ تَبْقَى بَتُولًا عَرُوسَةً لَهُ طَوالَ حَيَاتِهَا. ولِكَيْ لا تُغْرِيَ الشُبَّانَ بِجَمَالِهَا، طَرَحَتْ عَنْهَا أَسْبَابَ الزِينَةِ الجَسَدِيَّة، وأَخَذَتْ تُزَيِّنُ نَفْسَهَا بِالكَمَالاتِ المَسِيحِيَّة. ولَمَّا أَثَارَ المَلِكُ دْيُوكْلِتْيَانُوسُ (285-305) الاضْطِهَاد، ورَأَتْ بِيلاجْيَةُ البَتُولُ أَنَّ زَوْبَعَةَ الاضْطِهَادِ هَبَّتْ عَلَى أَنْطَاكْيَة، خَافَتْ عَلَى عَفَافِهَا وَهِيَ في الخَامِسَةَ عَشَرَةَ مِنْ عُمْرِهَا، فَلَزِمَتْ بَيْتَهَا، وبَــدَأَتْ تَــصُــومُ وتُــصَــلِّــي وتَــذْرِفُ الــدُمُــوع، لِــكَـيْ يَــرْأَفَ الرَبُّ بِكَنِيسَتِهِ. إِلَّا أَنَّ والي المَدِينَةِ أَرْسَلَ جُنْدَهُ فَـأَحَـاطُـوا بِمَنْزِلِهَا ودَخَـلُـوهُ عـَنْــوَةً. أَنَــارَ الـرَبُّ عَـقْـلَهَا ورَسَمَــتْ عَـلَى الفَوْرِ لِنَفْسِهَا خُطَّةً جَرِيئَة، وطَلَبَتْ مِنَ الجُنْدِ أَنْ يَدَعُوهَا تَرْتَدِي مَلابِسَهَا الفَاخِرَةَ قَبْلَ أَنْ تَذْهَبَ لِمُقَابَلَةِ الوالي فَسَمَحُوا لَهَا بذَلِكَ. فَدَخَلَتْ مُخْدَعَهَا وَوَقَفُوا عَلَى البَابِ يَنْتَظِرُونَهَا فَنَزَعَتِ البَتُولُ ثِيَابَ العِبَادَةِ والرَصَانَةِ وتَزَيَّنَتْ بِأَبْهَى زِينَتِهَا لِيَوْمِ زِفَافِهَا الأَخِيرِ وصَعِدَتْ بِسُلَّمٍ خُفْيَةً إِلَى سَطْحِ بَيْتِهَا، ورَسَمَتْ عَلَى نَفْسِهَا إِشَارَةَ الصَلِيب، ثُمَّ نَظَرَتْ إِلَى السَمَاءِ كَمَنْ يَسْتَوْحِي الله، وابْتَهَلَتْ إِلَى رَبِّهَا أَنْ يَحْفَظَهَا مِنْ كُلِّ أَذِيَّة، وأَنْ يَأْخُذَهَا إِلَيْهِ عَذْراءَ في النَفْسِ والجَسَد. فَقَبِلَ الرَبُّ صَلاتَهَا وأَعْطَاهَا اليَقِينَ أَنْ تُقْدِمَ عَلَى مِيْتَةٍ طَوْعِيَّة، وهَكَذَا كَان. بَعْدَمَا صَلَّتْ، أَلْقَتْ بِنَفْسِهَا مِنْ أَعْلَى البَيْت، فَسَقَطَتْ عَلَى الأَرْضِ أَمَامَ الجُنْد، وتَهَشَّمَتْ، فَرَكَضَ الجُنْدُ إِلَيْهَا ورَفَعُوهَا فَوَجَدُوهَا جُثَّةً هَامِدَة. وهَكَذَا فَازَتِ الفَتَاةُ بِإِكْلِيلِ الاسْتِشْهَادِ سَنَةَ 304. صَلاتُهَا مَعَنَا. آمين. |