| Biography |
تَذكارُ القِدِّيسِ بِرْنارْدُوس وُلِدَ القِدِّيسُ بِرْنَارْدُوسُ في فُونْتَانَا بِالقُرْبِ مِنْ دِيجُونَ (شَاطِئِ الذَهَب) في فْرَنْسَا سَنَةَ 1090. هُوَ رَبِيبُ أُسْرَةٍ فْرَنْسِيَّةٍ عَرِيقَةٍ بِالحَسَبِ والنَسَبِ والتَقْوَى المَسِيحِيَّة. كانَ فَارِسًا لِيَسُوعَ المَسِيح، بَارِعًا في حُقُولٍ عَدِيدَة، وخُصُوصًا في دُرُوسِهِ، وفي حَيَاتِهِ كانَ مِثَالَ الشَبَابِ خَاصَّةً بِالمُحَافَظَةِ عَلَى طَهَارَتِهِ. في الثَانِيَةِ والعِشْرِينَ مِنْ عُمْرِهِ، تَرَكَ العَالَمَ مَعَ أَرْبَعَةٍ مِنْ إِخْوَتِهِ وخَالِهِ الكُونْت غُولْدْرِي، وعَدَدٍ كَبِيرٍ مِنَ الشَبَابِ نَحْوَ الثَلاثِينَ ودَخَلَ مَعَهُم رَهْبَنَةَ القِدِّيسِ بِنِديكتُوسَ (مبارك). وعَكَفَ عَلَى الــصَـمْــتِ والــصَـلاةِ والطَاعَــةِ الـكَـامِلَــة. إِمْـتَـازَ بِــرُوحِ الوَداعَةِ والمَحَبَّةِ والاتِّحادِ بِالله: يُمَارِسُ التَقَشُّفَاتِ عَلَى أَنْواعِهَا، ويَرْغَبُ في الخِدَمِ الحَقِيرَة، ويَلْبَسُ الثِيَابَ العَتِيقَة، ويُخَصِّصُ أَوْقَاتَ الفَراغِ لِيَمْلَأَ عَقْلَهُ وذاكِرَتَهُ مِنْ آيَاتِ الكِتَابِ المُقَدَّس، حَتَّى اسْتَظْهَرَ أَكْثَرَهَا، فَفَاضَتْ في تَآلِيفِهِ ورَسَائِلِهِ. وفي سَنَةِ 1115 أُرْسِلَ مَعَ بَعْضِ الرُهْبانِ لِيُؤَسِّسَ دَيْرًا كَبِيرًا في كْلِيرْفُو، وكانَ قَدْ أَصْبَحَ في الخَامِسَةِ والعِشْرِينَ مِنْ عُمْرِهِ، فَأَصْبَحَتْ تِلْكَ القِفَارُ آهِلَةً بِالرُهْبانِ والنُسَّاك، يُقِيمُونَ الصَلَواتِ ويُمَارِسُونَ أَشَقَّ أَنْواعِ الإِمَاتَةِ والتَقَشُّف، وبِرْنَارْدُوسُ في طَلِيعَتِهِم. سَامَهُ أُسْقُفُ الأَبْرَشِيَّةِ كَاهِنًا وأَقَامَهُ رَئِيسًا عَلَيْهِم، فَكَانَ حَكِيمًا مُتَفَانِيًا في خِدْمَةِ رُهْبَانِهِ. دامَتْ رِئَاسَتُهُ عَلَيْهِم حَتَّى يَوْمِ وَفَاتِهِ، أَي مُدَّةَ 38 سَنَة. أَعْطَى الكَنِيسَةَ أَكْثَرَ مِنْ 880 راهِبًا، أَكْثَرُهُم مِنَ الأَشْرافِ والمُثَقَّفِينَ وقُوَّادِ الجَيْش. أَنْشَأَ دَيْرًا لِلرَاهِبَاتِ تَرَهَّبَتْ فِيهِ أُخْتُهُ الوَحِيدَةُ وعَاشَتْ بِرُوحِ القَداسَة. كَمَا أَنَّ أَبَاهُ الشَيْخَ وأَخَاهُ الصَغِيرَ دَخَلَا دَيْرَهُ. وتُوُفِّيَ والِدُهُ بِنَسَمَةِ القَداسَةِ بَيْنَ يَدَيْهِ. كانَ المُرْشِدَ لِكِبَارِ الدُنْيَا وعُظَمَائِهَا، يُقْدِمُ بِقَلْبٍ جَرِيءٍ عَلَى مُكَافَحَةِ الـكِــبْـرِيَـاءِ وانْـحِـطَـاطِ الأَخْــلاقِ والآداب. وصَــارَعَ ضِــدَّ الهَرْطَقَات، وواجَــهَ الــبَــابَـا أَنَــاكْــلِــيـتُـوسَ الــثَــانـي غَيْرَ الشَرْعِيّ، واسْتَطَاعَ أَنْ يَعْزِلَهُ، مُطَالِبًا بِالتَعْوِيضِ عَنِ الإِسَاءَةِ لِلْكَنِيسَة، وبِمُسَاعَدَةِ الفُقَراءِ والمُحْتَاجِين، ناشِرًا السَلامَ والنِّظامَ في كُلِّ مَكانٍ بِرَأْيِهِ الصَائِبِ وكَلِمَتِهِ النَافِذَة. كانَتْ خُطَبُهُ ومَواعِظُهُ تَأْخُذُ بِمَجامِعِ الـقُـلُـوبِ لِـمَـا فِـيـهَـا مِـنَ الـفَـصَـاحَـةِ وقُــوَّةِ الحُجَّة، حَـتَّى لُـقِّـبَ بـِ "الـعَسَلِيِّ الفَم"، كَمَا لُقِّبَ بـِ "قِيثَارَةِ العَذْراء" التي كانَ كَثِيرَ التَحَبُّبِ لَهَا وقَدْ أَلَّفَ الأَناشيدَ والصَلَواتِ البَديعَةَ في مَديحِهَا. فَأَصْبَحَ في شَخْصِهِ التَعْبيرَ الحَيَّ الكامِلَ لِرُوحَانِيَّةِ القُرُونِ الوُسْطَى. لَهُ رَسَائِلُ وتَآليفُ عَديدَةٌ في اللاهُوتِ والحَيَاةِ الرُوحِيَّة، جَعَلَتْهُ بَيْنَ آباءِ الكَنِيسَةِ وعُلَمَائِهَا الكِبَار، والشَاعِرَ التَأَمُّلِيَّ في عِظاتِهِ حَولَ نَشيدِ الأَناشيدِ وغَيْرِهِ. حَضَرَ مَجَامِعَ عَديدَةً وكانَ لَهُ النُفُوذُ الأَوَّلُ فِيهَا، مِنْهَا مَجْمَعَ تْرُويِس (1128)، ومَجْمَعَ لانْغْرُو (1138)، ومَجْمَعَ رِيمْسْ (1148)، ومَجْمَعَ شَارْتْرُو (1150)، وقَدِ اخَتارَهُ تِلْمِيذُهُ البَابَا أُوجَانْيُوسُ الثَالِثُ (1145-1153) لِيَدْعُوَ الأُمَراءَ والمُلُوكَ المَسِيحِيِّينَ إِلَى تَأْليفِ الحَمْلَةِ الصَليبيَّةِ الثَانِيَةِ (1149)، والثَالِثَةِ (1150) لِتَأْمِينِ الحَجِّ إِلَى الأَراضِي المُقَدَّسَةِ وحِمَايَتِهَا. تَدَخَّلَ في شُؤُونِ فْرَنْسَا، وإِيطاليا، وأَلْمَانيا، وإِيرْلَنْدَا، وفَلِسْطِين، جائِلًا دُونَ هَوادَةٍ كُلَّ أُورُوبَّا. وفي زَمَنِ التَحَوُّلاتِ الاقْتِصَادِيَّة، والاجْتِمَاعِيَّة، تَصَادَمَتِ الكَنيسَةُ والدَوْلَة، فَكانَ المُعَلِّمَ الرُوحِيَّ لِكِلَيْهِمَا. لَمْ يَكُنْ مُؤَسِّسًا لِرَهْبَانِيَّةِ السِيسْتِرْسْيَانِيِّين، ولَكِنَّهُ تَرَكَ تَأْثِيرَهُ الكَبيرَ فِيهَا، فَكانَ أَحَدَ مُبْدِعِي الفِكْرِ السِيسْتِرْسْيَانِيّ. وعَلَى رَغْمِ مَرَضِهِ، ذَهَبَ لإِلْقَاءِ الصُلْحِ بَينَ مُعَسْكَرَينِ في حَرْبٍ أَهْلِيَّةٍ ونَجَحَ في مَهَمَّتِهِ. ثُمَّ عادَ إِلَى دَيْرِهِ في كْلِيرْفُو حَيْثُ تَوَفَّاهُ اللهُ في 20 آبَ سَنَةَ 1153. أَعْلَنَهُ البَابَا أَلِكْسَنْدْرُوسُ الثَالِثُ (1159-1181) قِدِّيسًا في 18 كَانُونَ الثَاني سَنَةَ 1174؛ وأَعْلَنَهُ البَابَا بِيُّوسُ الثَامِنُ (1829-1830) مَلْفَانًا لِلكَنيسَةِ سَنَةَ 1830. صَلاتُهُ مَعَنَا. آمين. |
