| Biography |
تَذكارُ القِدِّيسِ دانِيَّالَ العَمُودِيّ وُلِدَ دانِيَّالُ في قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ اسمُهَا مِيراثا، قُرْبَ مَدِينَةِ سَمِيسَاط، ما بَيْنَ النَهْرَين، سَنَةَ 409. إِسْمُ أَبِيهِ إِيلِيَّا واسْمُ أُمِّهِ مَرْتَا. صَلَّتْ أُمُّهُ بِمَرارَةِ نَفْسِهَا، وطَلَبَتْ مِنَ الرَبِّ يَسُوع، فَرَزَقَهُمَا اللهُ وَلَدًا، ونَذَراهُ لِلرَبّ، عَلَى مِثَالِ صَمُوئِيل. دَخَلَ الدَيْرَ في الثَانِيَةَ عَشْرَةَ، وسَارَ سِيرَةَ النُسَّاك، عَاكِفًا عَلَى التَقَشُّفِ والصَلاة. كانَ يَتُوقُ إِلَى رُؤْيَةِ القِدِّيسِ سِمعانَ العَمُودِيّ، وقَدْ طَبَّقَتْ شُهْرَتُهُ الآفاق، فَرَآهُ ونالَ بَرَكَتَهُ. وأَخَذَ يُواصِلُ جِهَادَهُ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ رَئِيسُ الدَيْر، فَأَجْمَعَ الرُهْبانُ عَلَى انْتِخَابِهِ رَئِيسًا. أَمَّا هُوَ فَاعْتَذَرَ وَفَرَّ إِلَى سِمعانَ العَمُودِيّ؛ الذي أَشارَ عَلَيهِ بِالذَهابِ إِلَى القُسْطَنْطينِيَّة، مُتَزَوِّدًا بِبَرَكَتِهِ. هُنَاكَ انْعَكَفَ عَلَى الصَلاةِ والتَأَمُّلِ وتِلاوَةِ المَزامِيرِ حَتَّى بَلَغَ أَسْمَى دَرَجَاتِ القَداسَة، فَمَنَحَهُ اللهُ صُنْعَ العَجَائِبِ وذاعَ صِيتُهُ وتَوَافَدَ إِلَيهِ النَاس. وفي السَنَةِ 459، ماتَ القِدِّيسُ سِمعانُ العَمُودِيّ. وبِإِلْهَامِ اللهِ اتَّخَذَ دانِيَّالُ طَرِيقَةَ القِدِّيسِ سِمعان، فَبَنَى لَهُ عَمُودًا بِالقُرْبِ مِنَ القُسْطَنْطِينِيَّة، وصَعِدَ عَلَيهِ سَنَةَ 460، وكانَ لَهُ مِنَ العُمْرِ 51 سَنَة، مُعَرَّضًا لِحَرِّ الصَيْفِ وبَرْدِ الشِتاء، فَأَيَّدَهُ اللهُ بِنِعْمَتِهِ؛ وبَقِيَ مُثَابِرًا عَلَى تِلْكَ الحياةِ الشَاقَّةِ مُدَّةَ ثَلاثِينَ سَنَة. كانَ يُرْشِدُ الجَمَاهِيرَ ويَشْفِيهِم مِنْ أَمْراضِ النَفْسِ والجَسَد. وطَلَبَ الكَثِيرُونَ أَنْ يَتَتَلْمَذُوا لَهُ؛ فَبَنَى لَهُمُ المَلِكُ لِيُونُ قُرْبَ العَمُودِ دَيْرًا يُقِيمُونَ فِيهِ جَمِيعَ صَلَواتِهِمِ الجَمَاعِيَّة. سَامَهُ البَطْرِيَرْكُ اجْنادْيُوسُ كاهِنًا وفَوَّضَ إِلَيهِ الاحْتِفالَ بِالذَبِيحَةِ الإِلَهِيَّةِ عَلَى ذَلِكَ العَمُود. وفي سَنَةِ 476، أَلَحَّ عَلَيهِ البَطْرِيَرْكُ والأَسَاقِفَةُ أَنْ يَنْزِلَ عَنْ عَمُودِهِ ويَأْتيَ إِلَى القُسْطَنْطِينِيَّةِ لِيُدافِعَ عَنِ الإِيمانِ الكَاثُوليكيّ، فَأَطاعَ وجاءَ إِلَى القُسْطَنْطِينِيَّة، فَهَرَعَتِ المَدِينَةُ تَطْلُبُ بَرَكَتَهُ وتُصْغِي إِلَيهِ بِكُلِّ خُشُوع. وكانَتْ لَهُ المَنْزِلَةُ الكُبْرَى والمَحَبَّةُ في قُلُوبِ الجَمِيع. وكُلَّمَا إِزْدادَ كَرامَةً بَينَ النَاس، ازْدادَ تَوَاضُعًا أَمَامَ الله. ثُمَّ عادَ إِلَى عَمُودِهِ يُتَابِعُ تَقَشُّفَاتِهِ ويُعْنَى بِإِرْشَادِ تَلامِيذِهِ إِلَى أَنْ صَارَ ابْنَ ثَمَانِين. وقَبْلَ وَفاتِهِ، إِحْتَفَلَ بِالذَبِيحَةِ الإِلَهِيَّةِ وَوَزَّعَ القُرْبانَ الأَقْدَسَ عَلَى جَمِيعِ الحَاضِرِين، ورَقَدَ بِالرَّبِّ سَنَةَ 493، ولَهُ مِنَ العُمْرِ 84 عامًا. صَلاتُهُ مَعَنَا. آمين. |
