Biography |
تَذكارُ القِدِّيسِ دِيمِتْرِيُوس وُلِدَ دِيمِتْرِيُوسُ في مَدِينَةِ تَسَالُونيكي، وكانَ مِنْ أُسْرَةٍ مَسِيحِيَّةٍ شَرِيفَة. فَتَرَبَّى تَرْبِيَةً حَسَنَةً وتَثَقَّفَ ثَقَافَةً عالِيَة. وشَغَلَ وَظِيفَةَ القُنْصُلِيَّةِ في المَمْلَكَةِ الرُومانِيَّة، لأَنَّ والِدَهُ كانَ قائِدًا عَسْكَرِيًّا، فَنَشَّأَهُ عَلَى ضَبْطِ النَفْسِ والجِهَادِ والأَمَانَة، وكَأَبِيهِ أَضْحَى قائِدًا عَسْكَرِيًّا مَرْمُوقًا. وأَقَامَهُ الإِمْبِرَاطُورُ مَكْسِيمْيَانُوسُ (285- 310) عَلَى مُقَاطَعَةِ تْسَالْيَا، وصَارَ قُنْصُلًا عَلَى بِلادِ اليُونَان، لَكِنَّ نَفْسَهُ كانَتْ تَوَّاقَةً إِلَى الفَضِيلَةِ والتُقَى ومَحَبَّةِ الفَقِير، فَكانَ غَيُورًا عَلَى الفُقَراءِ والبائِسِينَ وعَلَى التَبْشِيرِ بِالإِنْجِيل، فَرَدَّ الكَثِيرِينَ مِنَ الوَثَنِيِّينَ إِلَى الإِيمانِ بِالمَسِيح. عَبَرَ الإِمْبِرَاطُورُ مَكْسِيمْيَانُوسُ بِمَدِينَةِ تَسَالُونِيكِي، عائِدًا مِنْ حَرْبٍ خَاضَهَا ضِدَّ البَرابِرَةِ السِكِّيثِيِّين، شَماليِّ غَرْبيِّ البَحْرِ الأَسْوَد. ولَمَّا كانَتِ العادَةُ أَنْ تُقَامَ الاحتِفالات، ويُرْفَعَ البَخُورُ لِلْمَلِكِ والآلِهَة، وتُقَدَّمَ الذَبائِحُ في المُنَاسَبَة، فَقَدْ أَعْطَى المَلِكُ تَوْجِيهَاتِهِ بِإِعدادِ العِدَّةِ في هَذا الشَأْنِ في المَدِينَة. واغْتَنَمَ بَعْضُ حُسَّادِ دِيمِتْرِيُوسَ الفُرْصَةَ فَقَامُوا وأَسَرُّوا لِلإِمْبِرَاطُورِ حَقِيقَةَ مَنْ كانَ قَدْ أَوْلاهُ ثِقَتَهُ أَنَّهُ لا يَتَسَاهَلُ بِشَأْنِ المَسِيحِيِّينَ وحَسْب، كَمَا أَوْصَى جَلالَتُهُ، بَلِ اقْتَبَلَ هُوَ نَفْسُهُ المَسِيحِيَّةَ وأَضْحَى مُــذِيعًــا لَهَا. فَــاغْــتَــاظَ الإِمْــبِــرَاطُــورُ وأَرْسَــلَ فـي طَــلَــبِ عَـامِــلِــهِ. فَـــلَــمَّــا حَــضَــرَ اسْــتَــفْــسَرَهُ عَنِ الأَمْرِ فَاعْتَرَفَ دِيمِتْرِيُوسُ بِمَسِيحِيَّتِهِ ولَمْ يُنْكِرْ، فَجَرَّدَهُ الإِمْبِرَاطُورُ مِنْ أَلْقَابِهِ وشَاراتِهِ وأَمَرَ بِسَجْنِهِ رَيْثَمَا يُقَرِّرُ ما سَيَفْعَلُهُ بِهِ، فَأَخَذَهُ الجُنْدُ وأَلْقَوْهُ في مَوْضِعٍ رَطْبٍ تَحْتَ الأَرْضِ كانَتْ تَفُوحُ مِنْهُ الرَوائِحُ الكَرِيهَة. أَيْقَن دِيمِتْرِيُوسُ أَنَّ الساعَةَ قَدْ أَتَتْ لِيَتَمَجَّدَ اللهُ فِيهَا، فَأَخَذَ يُعِدُّ نَفْسَهُ عاكِفًا عَلَى الصَلاةِ والدُعَاء، مُسْتَعِدًّا لِيَبْذُلَ دَمَهُ في سَبِيلِ إِيمانِهِ. كَمَا أَوْعَزَ إِلَى خَادِمِهِ الأَمِينِ لُوبُوس، الذي كانَ يَتَفَقَّدُهُ في سِجْنِهِ، بِتَوْزِيعِ مُقْتَنَيَاتِهِ عَلَى الفُقَراءِ والمَسَاكِين. وأُقِيمَتْ حَفْلَةُ مُصَارَعَةٍ بَيْنَ لَهَاوُشَ الوَثَنيّ، أَحَدِ حَرَسِ المَلِك، وبَيْنَ الشَابِّ نَسْطُرَ المَسِيحِيّ، وحَضَرَ المَلِكُ المَشْهَد، فَانْتَصَرَ هَذا عَلَى ذاكَ الجَبَّارِ وصَرَعَهُ، فَغَضِبَ المَلِكُ جِدًّا وظَنَّ أَنَّ صَلاةَ دِيمِتْرِيُوسَ هِيَ سَبَبُ انْتِصَارِ نَسْطُرَ المَسِيحِيِّ عَلَى خَصْمِهِ، فَأَرْسَلَ جُنُودَهُ إِلَى السِجْن، فَطَعَنُوا دِيمِتْرِيُوسَ بِالحِرابِ وقَتَلُوهُ وأَلْحَقُوا بِهِ خَادِمَهُ لُوبُوسَ الذي جاءَ لِيَبْكِيهِ ويَجْمَعَ ذَخَائِرَهُ. وانْتَقَمَ المَلِكُ أَيْضًا مِنَ الشَابِّ نَسْطُرَ فَقَتَلَهُ. فَفَازَ الثَلاثَةُ بِغَارِ الشَهَادَةِ سَنَةَ ٣٠٣. فَأَخَذَ رِجالٌ أَتْقِيَاءُ رُفاتَ القِدِّيسِ دِيمِتْرِيُوسَ ودَفَنُوهُ سِرًّا، وشُفِيَ ناسٌ كَثيرٌ بِشَفَاعَتِهِ. صَلاتُهُ مَعَنَا. آمين. |