Biography |
تَذكارُ القِدِّيسِ دُوسِيتاوُسَ النَّاسِك لا نَعْلَمُ مَكانَ وِلادَةِ هَذا القِدِّيسِ أَوْ زَمَانَهُ، ولَكِنَّ كُلَّ ما نَعْلَمُهُ أَنَّ أَحَدَ ضُبَّاطِ جَيْشِ الإِمْبِرَاطُوريَّةِ الرُومانِيَّةِ في الشَرْقِ قَدْ تَبَنَّاه، وعُنِيَ بِتَرْبِيَتِه، دُونَ أَنْ يُثَقِّفَهُ بِالعُلُومِ العالَمِيَّةِ أَوِ الرُوحِيَّة. أَمَّا الحَدَثُ الأَهَمُّ فَكَانَ لَدَى الكَلامِ عَلَى أُورَشَلِيمَ يَتَمَنَّى لَوْ يَسْتَطِيعُ زِيارَتَهَا؛ ولَمَّا تَوَفَّرَتْ لَدَيهِ الفُرْصَةُ لِذَلِكَ، زارَ الأَراضِيَ المُقَدَّسَة، فَوَقَعَ نَظَرُهُ عَلَى صُورَةِ الدَيْنُونَةِ فارتاعَ جِدًّا، وحَرَّكَتِ النِعْمَةُ قَلْبَهُ، فَعَزَمَ عَلَى التَرَهُّب، ودَخَلَ دَيْرًا في نَواحِي غَزَّة. قَصَدَ الدَيْرَ لِلتَرَهُّب، فَقَبِلَهُ الرَئِيس، بَعْدَ تَرَدُّدٍ قَليل، ثُمَّ أَوْكَلَ تَدْبِيرَهُ إِلَى القِدِّيسِ دُورُوتاوُس، الذي كَلَّفَهُ بخِدْمَةِ المَرْضَى وقَبُولِ الضُيُوف، وقَدْ وَضَعَهُ تَحْتَ الامتِحانِ في هَذِهِ المَهَمَّة، فَكَانَ دُوسِيتاوُس، رَغْمَ ضَعْفِ بُنْيَتِه، يُحاوِلُ أَنْ يُتَمِّمَ كُلَّ ما هُوَ مَطْلُوبٌ مِنْهُ بِكُلِّ دِقَّة، مُقْتَنِعًا بِتَسْلِيمِ ذاتِهِ كُلِّيًّا لأَمْرِ الطاعَةِ الرُهْبانِيَّة. فَلَمْ يَكُنْ مِنْ حَدٍّ لِصَلَواتِهِ وإِماتاتِه. يَقْبَلُ النُصْحَ والتَوْبِيخَ بِفَرَحٍ وسُرور. وإذا زَلَّ بِهَفْوَة، تَنَهَّدَ وبَكَى. وبَعْدَ خَمْسِ سَنَواتٍ مِنَ الجِهَاد، أُصِيبَ بِمَرَضِ السِلّ، وخارَتْ قِوَاه. ولَمَّا شَعَرَ بِدُنُوِّ أَجَلِهِ، طَلَبَ مِنْ مُعَلِّمِهِ أَنْ يَسْمَحَ لَهُ بِالخُروجِ مِنْ هَذا المَنْفَى، عِنْدَهَا قالَ لَهُ القِدِّيسُ دُورُوتاوُس، والدَمْعَةُ في عَينَيه: "إِذْهَبْ بِسَلام، يا بُنَيَّ، أُمْثُلْ أَمامَ رَبِّكَ بِكُلِّ ثِقَةٍ، فَإِنَّهُ يُريدُ إِشْراكَكَ في مَجْدِهِ الأَبَدِيّ، وصَلِّ مِنْ أَجْلِنا"، فَفَاضَتْ رُوحُهُ الطاهِرَةُ كَأَنَّهُ لا يُرِيدُ أَنْ يَمُوتَ إِلاَّ بِأَمْرِ الطَاعَةِ التي هِيَ مِنْ أَمْرِ الله، وكَانَ ذَلِكَ سَنَةَ 350. صَلاتُهُ مَعَنَا. آمين. |