Biography |
تَذكارُ القِدِّيسِ مَكارْيُوسَ الصَلِيبِيّ وُلِدَ القِدِّيسُ مَكارْيُوسُ في مِصْرَ العُلْيَا نَحْوَ سَنَةِ 300 مِنْ والِدَينِ فَقِيرَينِ مَسِيحِيَّين، وَهُوَ المَعْرُوفُ بـِ "القَديم" أَوِ " المِصْرِيّ"؛ ويُلَقَّبُ بـِـ "الكَبِير" وبــِ "الصَليبِيّ" تَمْيِيزًا لَهُ عَنْ مُعَاصِرِهِ مَكارْيُوسَ الإِسْكَنْدَرِيّ. ومُنْذُ صِبَاه، عَشِقَ العُزْلَةَ والصَلاة، لَيْلَ نَهَار. كانَ يَرْعَى الخِرافَ ويَصْنَعُ السِلال. وبِهَدَفِ اعْتِزالِ النَاس، قَصَدَ بَرِّيَّةَ الصَعِيد، لأَنَّهُ كانَ مُعْجَبًا بِحَياةِ القِدِّيسِ أَنْطُونْيُوسَ الكَبِير، تَوَّاقًا إِلَى اتِّبَاعِ طَرِيقَتِهِ النُسْكِيَّة. فَتَتَلْمَذَ لَهُ ولازَمَهُ في آخِرِ حَياتِهِ، وخَلَفَهُ بَعْدَ مَمَاتِهِ في تَدْبِيرِ النُسَّاك. قَضَى حَياتَهُ بِــالأَصْـوامِ والـتَـقَــشُّـفاتِ الـصـارِمَـةِ ومُمَارَسَةِ الصَلَواتِ الدائِمَةِ والتَأَمُّلات، خاصَّةً في آلامِ المَسِيح. لا يَأْكُلُ إِلَّا الحَشَائِشَ وقَليلًا مِنَ الخُبْزِ والماء. فَاشْتَهَرَتْ قَداسَتُهُ وتَتَلْمَذَ لَهُ كَثِيرُونَ مِنَ الشُّبَّانِ حَتَّى بَلَغَ عَدَدُهُمُ الأَلْف. وقَدْ تَحَمَّلَ مِنَ المَصَائِبِ والتُّهَمِ الكاذِبَةِ ما دَلَّ عَلَى فَضِيلَتِهِ الراسِخَةِ وصَبْرِهِ العَجِيبِ وتَواضُعِهِ العَمِيق. وقَدِ اتُّهِمَ بِالزِنَى، وأُهِينَ وضُرِبَ وَهُوَ صَابِرٌ ولَمْ يُبَرِّئْ نَفْسَهُ، إِلَّا أَنَّ اللهَ بَرَّأَهُ وأَشْهَرَ قَداسَتَهُ لَدَى النَّاس، فَكَانُوا يَحْتَرِمُونَهُ ويُكَرِّمُونَهُ. ولِشِدَّةِ تَواضُعِهِ، هَرَبَ إِلَى البَرِّيَّةِ مُتَوغِّلًا فِيهَا. وكانَ لا يَنْفَكُّ عَنْ تِلاوَةِ الصَلاةِ والأَسْهارِ الطَويلَة، لا يَنامُ إِلَّا قَلِيلًا، مُسْتَنِدًا إِلَى الحائِط. أَصْبَحَ مَكارْيُوسُ كاهِنًا سَنَةَ 340 لِيَقُومَ بِتَقْدِمَةِ الذَبِيحَةِ الإِلَهِيَّةِ لِلرُهْبان. مَنَحَهُ اللهُ مَوْهِبَةَ صُنْعِ العَجَائِب. وكانَتِ البِدْعَةُ الأَرْيوسِيَّةُ قَدْ تَفَشَّتْ في الكَنِيسَةِ وأَقْلَقَتْهَا وقَسَّمَتْهَا، وضَعْضَعَتْ صُفُوفَهَا في تِلْكَ الأَيَّام. فَقَامَ هُوَ ومَكَارْيُوسُ الإِسْكَنْدَرِيُّ الذِي عاشَ مَعَهُ ثَلاثَ سَنَوات، يُكَافِحَانِهَا بِكُلِّ جُرْأَةٍ وغَيْرَةٍ ويُشَجِّعَانِ رُهْبانَــهُــمَا عَــلَى مُــقَـاوَمَتِهَا، ويُثَبِّتانِ الناسَ في الإِيمانِ القَوِيم. وَلِذَلِكَ قَامَ عَلَيْهِمَا لُوشْيُوسُ بَطْرِيَرْكُ الإِسْكَنْدَرِيَّةِ الأَرْيُوسِيّ، وطَلَبَ مِنَ المَلِكِ فَالِنْس (364-378) زَعِيمِ الأَرْيوسِيَّة، فَأَمَرَ بِنَفْيِهِمَا إِلَى جَزِيرَةٍ قَرِيبَةٍ مِنْ مِصْر. فَكَانَا صَابِرَينِ مُثَابِرَينِ عَلَى أَعْمالِ البِرِّ والقَداسَة، فَرَدَّا أَهْلَ تِلْكَ الجَزِيرَةِ إِلَى الإِيمانِ بِالمَسِيح. ونَاصَرَهُمَا الشَعْبُ الإِسْكَنْدَرِيُّ وأَجْبَرَ البَطْرِيَرْكَ المَذْكُورَ عَلَى إِرْجَاعِهِمَا إِلَى أَدْيِرَتِهِمَا. فَعَادا يُواصِلانِ جِهَادَهُمَا في إِدارَةِ شُؤُونِ رُهْبانِهِمَا وجَمَاعَةِ المُؤْمِنِين، بِأَمْثِلَتِهِمَا المُعَمِّرَةِ ونَصَائِحِهِمَا الرَشِيدَة، وكانَ القِدِّيسُ أَنْطُونْيُوسُ يُحِبُّهُمَا ويُجِلُّهُمُا كَثِيرًا. رَقَدَا بِالرَّبِّ بِشَيْخُوخَةٍ صَالِحَة. تُوُفِّيَ مَكَارْيُوسُ الإِسْكَنْدَرِيُّ نَحْوَ سَنَةِ 395، وتُوُفِّيَ مَكَارْيُوسُ الصَلِيبيُّ سَنَةَ 391. ويُلَقَّبُ بِالصَلِيبيِّ لأَنَّهُ كانَ يُصَلِّي باسِطًا يَدَيْهِ بِشَكْلِ صَلِيب، وماتَ ودُفِنَ كَذَلِكَ. وقَدْ تَرَكَا تَآليفَ عَدِيدَةً في قَوانِينِ الرُهْبانِ والسُيَّاح، كُلُّهَا حِكَمٌ ونَصَائِحُ كَثِيرَة. وقَدْ أَخَذَتِ الرَهْبانيَّاتُ عَنْهَا قَوانِينَ كَثِيرَة. ؛ والكَنِيسَةُ تُكَرِّمُهُمَا شَرْقًا وغَرْبًا. صَلاتُهُما مَعَنَا. آمين. |