Biography |
تَذكارُ القِدِّيسِ رُوكُز وُلِدَ القِدِّيسُ رُوكُزُ سَنَةَ 1295 في مُونْبُولْيِيه في فْرَنْسَا مِنْ أَبَوَينِ شَرِيفَينِ تَقِيَّين، وَهُوَ ابْنٌ وَحِيدٌ، وأَبُوهُ قُنْصُلُ المَدِينَة. وعِنْدَ وِلادَتِهِ، ظَهَرَ عَلَى صَدْرِهِ صَلِيبٌ أَحْمَر، كانَ رَمْزًا مُسْبَقًا لِجِهَادِهِ في حَيَاتِهِ حَتَّى الدَمّ. كانَ مُتَفَانِيًا جِدًّا في مَحَبَّةِ القَرِيب. تَيَتَّمَ بِوَفَاةِ والِدِهِ، فَاهْتَمَّ بِهِ عَمُّهُ، حَاكِمُ المَدِينَة. ولَمَّا تُوُفِّيَتْ والِدَتُهُ، كانَ لَهُ مِنَ العُمْرِ ثَمَاني عَشَرَةَ سَنَة، فَوَزَّعَ أَمْوالَهُ عَلَى الفُقَراءِ تَارِكًا لِعَمِّهِ ما يَمْلِكُهُ مِنْ أَراضٍ واسِعَةٍ وقُرًى عَدِيدَة. ثُمَّ تَنَكَّرَ بِزِيِّ الفُقَراءِ والمَسَاكِينِ وهَجَرَ وَطَنَهُ قَاصِدًا مَدِينَةَ رُوما العُظْمَى. وما دَخَلَ إِيطاليا سَنَةَ 1313 حَتَّى رَأَى مَرَضَ الطَاعُونِ الأَسْوَدِ يَفْتُكُ في أَكْثَرِ مُدُنِهَا، فَشَرَعَ يَهْتَمُّ بِدَفْنِ المَوْتَى ويَخْدُمُ المَرْضَى ويَشْفِيهِم بِإِشَارَةِ الصَلِيبِ المُقَدَّس، غَيْرَ أَنَّهُ أُصِيبَ هُوَ نَفْسُهُ بِهَذَا المَرَض، ولازَمَهُ وَجَعٌ مُؤْلِمٌ في جَنْبِهِ، فَأَوَى إِلَى غَابٍ خَارِجَ المَدِينَة، وهُنَاكَ قَاسَى آلامًا مُبَرِّحَة، وكانَ كَلْبٌ يَعْتَني بِهِ، فَيَأْتِيهِ بِرَغِيفِ خُبْزٍ يَوْمِيًّا مِنْ مَائِدَةِ سَيِّدِهِ لإِطعَامِهِ. بَعْدَ أَنْ تَحَمَّلَ القِدِّيسُ أَمَرَّ الأَوْجَاع، مَنَّ اللهُ عَلَيهِ بِالشِفَاءِ بِواسِطَةِ مَلاكِهِ، وأَوْحَى إِلَيهِ بِالرُجُوعِ إِلَى وَطَنِهِ، وكانَتِ الحُرُوبُ الأَهْلِيَّةُ تُمَزِّقُ تِلْكَ البِلادَ التي قَامَ عَمُّهُ والِيًا عَلَيهَا. ولَمَّا عَادَ رُوكُزُ إِلَى وَطَنِهِ، سَنَةَ 1325، كانَ لَهُ مِنَ العُمْرِ 30 سَنَة. وَصَلَ مُتَنَكِّرًا فَظَنُّوهُ جَاسُوسًا، فَقَبَضُوا عَلَيهِ وسَاقُوهُ إِلَى عَمِّهِ الوالي وَكِيلِ أَمْلاكِهِ، ولَمْ يَعرِفْهُ، فَأَمَرَ بِطَرْحِهِ فــي سِـجْـنٍ مُـظْـلِــم، فَـصَــبَـــرَ رُوكُــزُ عَــلَــى بَلْوَاه، مُمَارِسًا الصَوْمَ والإِمَاتَةَ والصَلاةَ مُدَّةً طَوِيلَة. ولَمَّا شَعَرَ بِدُنُوِّ أَجَلِهِ، اسْتَدْعَى كَاهِنًا زَوَّدَهُ بِالأَسْرارِ المُقَدَّسَة، وعِنْدَمَا فَاضَتْ رُوحُهُ البَارَّة، أَشْرَقَ نُورٌ سَاطِعٌ في السِجْن، وَوَجَدُوا أَمَامَ جُثْمَانِهِ الطاهِرِ لَوْحًا مَكْتُوبًا عَلَيه: "مَنْ أُصِيبَ بِالطَاعُونِ والْتَجَأَ إِلَى عَبْدِي رُوكُز، يَنْجُو بِشَفَاعَتِهِ". وكانَتْ وَفَاتُهُ سَنَةَ 1327، ولَهُ مِنَ العُمْرِ 32 سَنَة. وفي الحالِ أَسْرَعَتْ جَدَّتُهُ يَصْحَبُهَا عَمُّهُ، وتَـحَـقَّــقَـتْ أَنَّـهُ حَـفِـيدُهَا مِـنَ الــصَـلِيبِ الأَحْـمَـرِ الــذِي كــانَ مَـطْبُوعًا عَلَى صَدْرِهِ، فَضَمَّتْهُ إِلَى صَدْرِهَا ذارِفَةً الدُمُوعَ السَخِيَّةَ عَلَى فَقْدِ حَشَاشَةِ كَبِدِهَا وذَخِيرَتِهَا الثَمِينَة. أَمَّا عَمُّهُ فَبَكَاه، وتَكْفِيرًا عَنْ ذَنْبِهِ، أَقَامَ لَهُ كَنِيسَةً عَلَى اسْمِهِ تَخْلِيدًا لِذِكْرَاه. يُحْتَفَظُ بِرُفَاتِهِ اليَومَ في مَدِينَةِ آرْل الفْرَنْسِيَّة. يُعْتَبَرُ مار رُوكُزُ شَفيعَ الجَرَّاحِين، والحَفَّارِين، والصَيْدَلانِيِّين، والبَلاَّطِين، والحُجَّاج، والمُسَافِرِين، والمُعَوَّقِين، والمَحْبُوسِين، وتُطْلَبُ شَفَاعَتُهُ لأَجْلِ الأَمْراضِ المُعْدِيَة. أَعلَنَهُ البَابَا مَرْتِينُوسُ الخَامِسُ (1417-1431) قِدِّيسًا سَنَةَ 1427. صَلاتُهُ مَعَنَا. آمين. |