| Biography |
تَذكارُ القِدِّيسِ سَابا الكَبَّادُوكِيّ وُلِدَ في قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ اسْمُهَا مُوتَلاسْكَا، مِنْ إِقْلِيمِ الكَبَّادُوك، في العامِ 439. وكانَ أَبَوَاهُ يُوحَنَّا وصُوفِيَّا يَجْمَعَانِ إِلَى ثَرْوَةِ المالِ غِنَى التَقْوَى الصَحِيحَة. كانَ والِدُهُ ضَابِطًا في الجَيْش، إِلتَحَقَ بِالفِرْقَةِ المَعْرُوفَةِ بِالإِيصَافْرِيَّةِ في الإِسْكَنْدَرِيَّة، واسْتَوْدَعَهُ والِدُهُ لَدَى خَالِهِ هِرْمِيَاس. وفي سِنِّ الثَامِنَةَ عَشْرَةَ تَرَكَ الدُنْيَا وضَوْضَاءَهَا، وخَرَجَ لِيَزُورَ الأَمَاكِنَ المُقَدَّسَة، وقَصَدَ القِدِّيسَ أَفْتِيمْيُوسَ في أُورَشَلِيمَ ودَخَلَ الدَيْر، فَنَشَأَ عَلَى حُبِّ الفَضِيلَة، وانْكَبَّ عَلَى مُمَارَسَةِ الصَلاةِ والتَأَمُّلِ مُتَسَامِيًا بِالفَضَائِل، سَائِرًا في طَرِيقِ الكَمَالِ المَسِيحِيّ، بِخُطًى جَبَّارَة، مُتَفَوِّقًا عَلَى الجَمِيع، ولا سِيَّمَا بِتَوَاضُعِهِ العَمِيق. ثُمَّ طَلَبَ الانْفِرادَ في مَنْسَكٍ أَقَامَ فِيهِ يُبَالِغُ بِأَنْواعِ التَقَشُّف، مُثَابِرًا عَلَى التَأَمُّلِ وتِلاوَةِ المَزامِير؛ وكانَ يَحِيكُ السِلالَ لِيَعِيشَ مِنْ ثَمَنِهَا، وما يَزِيدُ عَنْهُ يَتَصَدَّقُ بِهِ عَلَى الفُقَراء. أَقْبَلَ عَلَيهِ الرُهْبانُ والنُسَّاكُ يَسْتَرْشِدُونَهُ، فَأَنْشَأَ لَهُمُ المَنَاسِك. وبَلَغَ عَدَدُ تَلامِيذِهِ مِئَةً وخَمْسِينَ نَاسِكًا. ولَمَّا تَكَاثَرَ عَدَدُ النُسَّاكِ شَيَّدَ لَهُمْ دَيْرًا وتَوَلَّى إِدارَتَهُ، مُتَشَدِّدًا بِحِفْظِ القَوانِينِ والنِظام، وسَائِرًا أَمَامَهُم في جَمِيعِ الواجِبَات. فَكَرَّسَهُ سَالْسْتُوسُ بَطْرِيَرْكُ أُورَشَلِيمَ (486-494) كاهِنًا، وأَقَامَهُ عَلَيهِم رَئِيسًا. في هَذِهِ الأَثْناء، أَتَتْهُ أُمُّهُ بَعْدَ وَفَاةِ أَبِيهِ، تَحْمِلُ إِلَيهِ أَمْوالًا كَثِيرَة، فَقَبِلَهَا وبَنَى لَهَا دَيْرًا، قَضَتْ فِيهِ أَيَّامَهَا ومَاتَتْ بِرائِحَةِ القَداسَة. وأَنْشَأَ بتِلْكَ الأَمْوالِ مُسْتَشْفًى لِلمَرْضَى، ومَضَافًا لِلزُوَّارِ قُرْبَ الدَيْر. أَرْسَلَهُ البَطْرِيَرْكُ إِلَى المَلِكِ أَنَسْطَاسْيُوسَ الأَوَّل (491-518) عَلَى رَأْسِ وَفْدٍ وَزَوَّدَهُ رَسَائِلَ الاسْتِغَاثَة. فَلَمَّا قَرَأَهَا المَلِكُ ونَظَرَ إِلَى ما كانَ عَلَيهِ ذَلِكَ الراهِبُ القِدِّيسُ مِنْ مَهَابَةٍ وَوَقَار، رَغْمَ ظَاهِرِهِ الحَقِير، بَالَغَ في إِكْرامِهِ ورَضِيَ عَنِ البَطْرِيَرْكِ وَرَفَعَ الجَوْرَ والاضْطِهَاد. وعِنْدَ انْحِبَاسِ المَطَرِ في فَلِسْطِين، نَحْوَ خَمْسِ سَنَوات، جَمَعَ سَابَا رُهْبانَهُ وصَلَّوا إِلَى الله، فَجَادَتِ السَمَاءُ بِمَطَرٍ غَزِير. كَلَّفَهُ البَطْرِيَرْكُ الذَهَابَ مَرَّةً ثَانِيَةً إِلَى القُسْطَنْطِينِيَّة، عِنْدَ المَلِكِ يُوسْتِينْيَانُوسَ الأَوَّلِ (518-527) لِلدِفَاعِ عَنِ المَسِيحِيِّين. فَأَوْقَفَ المَلِكَ عَلَى الحَقِيقَة، فَهَدَأَ غَضَبُهُ وجَادَ بِالمالِ عَلَيهِ فَوَزَّعَهُ عَلَى الفُقَراء. ثُمَّ عادَ إِلَى دَيْرِهِ، وما لَبِثَ أَنْ رَقَدَ بِالرَّبِّ في 5 كانُونَ الأَوَّلِ سَنَةَ 532، بَيْنَ رُهْبانِهِ، بَعْدَ أَنْ أَوْصَاهُم بِالمَحَبَّةِ وحِفْظِ القَوانِين. وبَقِيَتْ أَدْيِرَةُ القِدِّيسِ سَابَا ورُهْبانُهُ تَسْطَعُ في الشَرْقِ حَتَّى أَواخِرِ القَرْنِ العَاشِر، حَيْثُ بَقِيَ مِنْهَا إِلَى يَوْمِنَا هَذا دَيْرٌ واحِدٌ قَائِمٌ عَــلَى اسْمِهِ. وإِلَى القِدِّيسِ سَــابَــا يَــعُــودُ أَقْدَمُ "تِيبِيكُون - Typicon" بِجَمْعِ القَواعِدِ التي تَضْبِطُ الخِدَمَ اللِيتُورْجِيَّةَ في العِبَادَة، بِحَسَبِ الطَقْسِ البِيزَنْطِيّ. صَلاتُهُ مَعَنَا. آمين. |
