Biography |
تَذكارُ البَارَّةِ سَوسَنَّةَ اليَهُودِيَّة سَوسَنَّة، بِحَسَبِ ما نُطَالِعُ سِيرَتَهَا في سِفْرِ دانِيَّالَ النَبِيّ (13) هِيَ ﭐبْنَةُ حِلْقِيَّا، إِمْرَأَةٌ إِسْرائِيلِيَّةٌ تَقِيَّةٌ في مَدِينَةِ بَابِل، مُتَزَوِّجَةٌ مِنْ رَجُلٍ غَنيٍّ تَقِيّ، اسْمُهُ يُويَاقِيم. وكَانَ جَمَالُهَا يَفُوقُ الوَصْف، وكَانَتْ عَفِيفَةً طَاهِرَةً لأَنَّ أَبَوَيْهَا أَدَّبَاهَا تَأْدِيبًا حَسَنًا بِحَسَبِ شَرِيعَةِ مُوسَى. عَلِقَ بِهَواهَا شَيْخَانِ مِنْ مَشَايِخِ إِسْرائِيلَ القُضَاةِ في تِلْكَ السَنَة. فَاحْتَالَا حَتَّى صَادَفَاهَا وَحْدَهَا تَغْتَسِلُ في بُسْتَانِهَا. فَوَقَعَا عَلَيْهَا بَغْتَةً وأَرادا مُواقَعَتَهَا، فَنَفَرَتْ مِنْ ذَلِكَ غَايَةَ النُفُور. فَتَهَدَّداهَا أَنَّهُمَا يَتَّهِمَانِهَا بِالزِّنَى إِنْ لَمْ تُواقِعْهُمَا. فَقَالَتِ العَفِيفَةُ سَوسَنَّة: "خَيْرٌ لي أَنْ تَتَّهِمَاني مِنْ أَنْ أَخْطَأَ أَمَامَ الرَّبّ". وصَرَخَتْ بِصَوْتٍ عَظِيم، فَتَراكَضَ أَهْلُ بَيْتِهَا فَقَالَ الشَّيْخَانِ إِنَّهُمَا رَأَيَاهَا في رِيْبَةٍ مَعَ أَحَدِ الشُبَّان، وشَهِدَا عَلَيْهَا أَمَامَ شَعْبِ إِسْرائِيل. فَحَكَمُوا عَلَيْهَا بِالقَتْلِ رَجْمًا. صَاحَتْ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وقَالَتْ: "أَيُّهَا الإِلَهُ الأَزَليُّ البَصِيرُ بِالخَفَايَا العَالِمُ بِكُلِّ شَيْءٍ قَبْلَ أَنْ يَكُون، إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّهُمَا شَهِدَا عَلَيَّ زُورًا، وهَا أَنَا أَمُوتُ ولَمْ أَصْنَعْ شَيْئًا مِمَّا افْتَرَى عَلَيَّ هَذَانِ مِنَ الكَذِب". فَاسْتَجَابَ الرَبُّ لِصَوْتِهَا. فَإِذْ كَانَتْ تُسَاقُ إِلَى المَوْت، أَيْقَظَ اللهُ الرُّوحَ المُقَدَّسَ في شَابٍّ حَدِيثِ السِنِّ اسْمُهُ دانِيَّال، فَصَرَخَ بِصَوْتٍ عَظِيم: "أَنَا بَرِيءٌ مِنْ دَمِ هَذِهْ!" فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ الشَعْبُ كُلُّهُ وقَالُوا: ما هَذا الكَلامُ الذِي قُلْتَهُ؟ فَوَقَفَ في وَسَطِهِمْ وقَالَ: "أَهَكَذَا أَنْتُم أَغْبِيَاء، يا بَنِي إِسْرائِيل، حَتَّى تَقْضُوا عَلَى بِنْتٍ مِنْ بَنَاتِ إِسْرائِيل، بِغَيْرِ أَنْ تَفْحَصُوا وتَتَحَقَّقُوا مِنَ الأَمْر؟ عُودُوا إِلَى القَضَاء، فَإِنَّ هَذَيْنِ قَدْ شَهِدَا عَلَيْهَا بِالزُور". فَأَسْرَعَ الشَّعْبُ كُلُّهُ وَرَجَعَ. فَقَالَ لَهُمْ دانِيَّال: فَرِّقُوهُمَا فَأَحْكُمَ فِيهِمَا، فَلَمَّا انْفَصَلَ الواحِدُ عَنِ الآخَر، دَعَا أَحَدَهُمَا وقَالَ لَهُ: إِنْ كُنْتَ رَأَيْتَهُمَا، فَقُلْ لي، تَحْتَ أَيِّ شَجَرَةٍ رَأَيْتَهُمَا يَتَحَدَّثَانِ؟ فَقَالَ تَحْتَ السَّنْطَة. ثُمَّ نَحَّاهُ وأَمَرَ بِإِقْبَالِ الآخَر، وقَالَ لَهُ: قُلْ لي تَحْتَ أَيِّ شَجَرَةٍ صَادَفْتَهُمَا يَتَحَدَّثَانِ؟ فَقَالَ: تَـحْـتَ الـسِــنْــدِيَـانَــةِ الخَـضْراء. فَصَرَخَ المَجْمَعُ كُلُّهُ بِصَوْتٍ عَظِيم، وبَارَكُوا اللهَ المُخَلِّصَ الذِي يَرْجُونَهُ. وقَامُوا عَلَى الشَيْخَيْنِ فَرَجَمُوهُمَا، ونَجَتْ سَوسَنَّةُ العَفِيفَةُ وارْتَفَعَ شَأْنُ زَوْجِهَا ووالِدَيْهَا وذَوِيهَا. أَمَّا حِلْقِيَّا وامْرَأَتُهُ، فَسَبَّحَا اللهَ لأَجْلِ ابْنَتِهِمَا. وعَظُمَ شَأْنُ دانِيَّالَ عِنْدَ الشَعْبِ مِنْ ذَلِكَ اليَوْمِ ومَا بَعْد. وكَانَ ذَلِكَ عَامَ 550 قَبْلَ مَجِيءِ المَسِيح. صَلاتُهَا مَعَنَا. آمين. |