Biography |
تَذكارُ القِدِّيسَةِ أَنَسْطَاسْيَا الرُومانِيَّة عاشَتِ القِدِّيسَةُ أَنَسْطَاسْيَا في مَدِينَةِ رُوما، أَيَّامَ الإِمْبِرَاطُورَينِ داكْيُوس (249-251) وفَالِيرْيَانُوس (253-260). وقَدْ تَوَفَّرَتْ لَهَا كُلُّ أَسْبَابِ العِيشَةِ الراغِدَة، فُتُوَّةٌ وغِنًى وجَمَالٌ، لَكِنَّهَا اكْتَشَفَتِ اللُؤْلُؤَةَ الأَثْمَنَ مِــنْ سَــائِرِ الــلآلِـــئ. فَــأَنْـــفَــقَـــتْ قِــسْــمًــا مِــنْ أَمْوالِهَا عَـــلَـــى المَسِيحِيِّينَ المَسْجُونِينَ لأَجْــلِ إِيمانِهِمْ، وَوَزَّعَـــتِ الــبـاقِـــيَ عَـــلَــى الفُقَراء، ثُمَّ اعْتَزَلَتْ، هِيَ وبَعْضُ العَذارَى، وأَقَمْنَ فــي بَــيْــتٍ صَــغِــيــرٍ فـي طَــرَفِ المَدِينَة. وكــانَـــتِ الــقَــيِّــمَــةَ عَــلَــيْـهِــنَّ امْــرَأَةٌ مُــقْــتَــدِرَةٌ اسْــمُــهَا صُــوفِــيَّـــا. هَـــذِهِ نَــشَّـــأَتِ الــعَــذارَى عَــلَــى الــشَهَادَةِ اليَوْمِيَّةِ للْمَـسِـيـح، نُـسْــكًا وجِــهَــادًا ومُـــحَـارَبَــةً لِـــلأَهْــواء. ولَمَّا شَاعَ ذِكْرُ أَنَسْطَاسْيَا بَيْنَ المَسِيحِيِّينَ والوَثَنِيِّينَ مَعًا، لِجَمَالِ طَلْعَتِهَا، ولِفَضِيلَتِهَا، تَحَرَّكَتْ بَعْضُ النُفُوسِ الصَغِيرَةِ فَأَسَرُّوا إِلَى الوالي بْرُوبُّسَ خَبَرَهَا. فَأَرْسَلَ جُنْدَهُ وأَتَوا بِهَا. وَقَفَتْ أَنَسْطَاسْيَا أَمَامَ الوالي، صَبِيَّةً في العِشْرِينَ مِنْ عُمْرِهَا، بَهِيَّةَ الطَلْعَة، هَادِئَةَ النَفْس، سَاكِنَةَ المُحَيَّا، فَأُخِذَ بِهَا. سَأَلَهَا إِذا كانَتْ حَقًّا تَتَنَكَّرُ لآلِهَةِ الإِمْبِرَاطُورِيَّة، وتَأْبَى أَنْ تُقَدِّمَ لَهَا فُرُوضَ الإِكْرام، أَجَابَتْ بِالإِيجابِ بِثِقَةٍ وبِلا تَرَدُّد. فَحَاوَلَ الوالي اسْتِغْلالَ الأَمْرِ لِصَالِحِهِ، فَلَمْ يَلْقَ غَيْرَ الخَيْبَة. هَدَّدَهَا فَأَلْفَاهَا صَامِدَةً لا تَلِين. قَامَ يَتَمَلَّقُهَا فَلَمْ تَدَعْ كَلِمَاتِهِ تَنْفُذُ إِلَى قَلْبِهَا، ولا اسْتَجَابَتْ لِمَواعِدِهِ. أَسْلَمَهَا، إِذْ ذاك، لِلْمُعَذِّبِينَ فَلَمْ تُبْدِ أَيَّ عَلامَةٍ مِنْ عَلاماتِ الخَوْف، هِيَ التي اعْتَادَتْ عَلَى الشَهَادَةِ اليَوْمِيَّةِ لِلْمَسِيحِ مِنْ خِلالِ النُسْكِ والجِهَادِ ومُحَارَبَةِ أَهْوَاءِ النَفْسِ والجَسَد. وأَمْعَنَ الجَلَّادُونَ في تَعْذِيبِهَا حَتَّى قَطَعُوا هَامَتَهَا أَخِيرًا بِحَدِّ السَّيْف، فَفَازَتْ بِإِكْلِيلِ الشَهَادَةِ في القَرْنِ الثَالِث. جاءَتْ مُعَلِّمَتُهَا صُوفِيَّا، وأَخَذَتْ رُفَاتَهَا. وقَدْ بَقِيَ هَذا الرُفَاتُ عَلَى مَدَى العُصُورِ مَصْدَرًا لِلْبَرَكَةِ والتَعْزِيَة. وَهُوَ مَحْفُوظٌ في مُعْظَمِهِ، إِلَى اليَوْم، في دَيْرِ القِدِّيسِ جَاوَرْجْيُوسَ في جَبَلِ آثُوس. صَلاتُهَا مَعَنَا. آمين |