| Biography |
تَذكارُ القِدِّيسَةِ بِيلاجْيَة بِيلاجْيَة فَتاةٌ وَثَنِيَّةٌ مِنْ مَدِينَةِ أَنْطَاكْيَة، رائِعَةُ الجَمَال، شَغُوفَةٌ بِتَمْثِيلِ الرِوَاياتِ والقِصَص. تَخْتَالُ في الشَوارِعِ لاقْتِنَاصِ قُلُوبِ الشُبَّانِ والرِجَال. وفي لَيْلَةِ أَحَد رَأَى نُونُسُ الأُسْقُفُ حُلْمًا: حَمَامَةً سَوْداءَ تَحُومُ في الكَنِيسَةِ حَوْلَ المَذْبَح، فَأَمْسَكَهَا وأَلْقَى بِهَا في جُرْنِ مَاءٍ عِنْدَ مَدْخَلِ الكَنِيسَةِ فَخَرَجَتْ مِنَ الماءِ نَاصِعَةَ البَيَاضِ مُتَلَألِئَة، بَهِيَّة. وفي ذَلِكَ الأَحَدِ خَطَرَ بِبَالِ بِيلاجْيَةَ أَنْ تَأْتِيَ إِلَى الكَنِيسَة. بَعْدَ قِراءَةِ الإنْجِيل، اعْتَلَى الأُسْقُفُ نُونُسُ المِنْبَر، واعِظًا مُفَسِّرًا، فَتَحَدَّثَ عَنِ الدَيْنُونَةِ العَتِيدَةِ أَنْ تَأْتِيَ عَلَى بَنِي البَشَرِ وما سَيَكُونُ عَلَيْهِ عَذابُ الخَطَأَة، لا سِيَّمَا الَّذِينَ يُعْثِرُونَ أَحَدَ إِخْوَةِ المَسِيحِ الصِغَار. وكانَتْ بِيلاجْيَة بَيْنَ السَامِعِين، فَأَثَّرَ هَذا الكَلامُ في نَفْسِهَا ومَسَّتِ النِعْمَةُ قَلْبَهَا؛ فَاغْرَوْرَقَتْ عَيْنَاهَا بِالدُمُوعِ وأَحَسَّتْ بِفَظَاعَةِ ما أَتَتْهُ مِنْ خَطَايَا، واشْتَعَلَتْ رَغْبَةً في التَوْبَةِ والتَكْفِير. ولِسَاعَتِهَا أَسْرَعَتْ إِلَى مُقَابَلَةِ الأُسْقُفِ نُونُسَ وسَأَلَتْهُ أَنْ يَقْبَلَهَا بَيْنَ التَائِبِينَ المَوْعُوظِين. فَفَرِحَ ذَلِكَ الراعِي الصَالِحُ بِرُجُوعِ النَعْجَةِ الضَالَّةِ إِلَى الحَظِيرَة. وبَعْدَ أَنْ وَثِقَ بِصِدْقِ تَوْبَتِهَا، عَمَّدَهَا وثَبَّتَهَا ونَاوَلَهَا القُرْبَانَ الأَقْدَس. وفي اليَومِ الثَامِنِ مِنْ عِمَادِهَا، إِسْتَبْدَلَتِ الثَوْبَ الأَبْيَض، الذي كانَ المُعَمَّدُونَ يَتَّشِحُونَ بِهِ، ولَبِسَتِ المُسُوح، وجَاءَتْ بِكُلِّ ما تَمْلِكُهُ مِنْ جَواهِرَ وذَهَبٍ وثِيَابٍ فَاخِرَةٍ وأَلْقَتْ بِهَا عِنْدَ قَدَمَيِ الأُسْقُفِ لِتَوْزِيعِهِ عَلَى الفُقَراء، قَائِلَةً لَهُ: "هَذا هُوَ الغِنَى الذِي اقْتَنَيْتُهُ مِنَ الشَيْطَان، فَافْعَلْ بِهِ ما تَشَاء، أَمَّا الآنَ فَلَسْتُ أَرْغَبُ بَعْدُ إِلَّا بِالغِنَى الذِي أَسْبَغَهُ عَلَيَّ رِبِّي يَسُوع". فَدَعَا الأُسْقُفُ المُدَبِّرَ ودَفَعَ إِلَيْهِ بِهَذِهِ الثَرْوَةِ قَائِلًا: "خُذْ هَذِهِ وَوَزِّعْهَا عَلَى الأَرامِلِ والأَيْتَامِ ولا تُبْقِ مِنْهَا شَيْئًا". وهَجَرَتْ بِيلاجْيَةُ العَالَم، وذَهَبَتْ إِلَى زِيارَةِ الأَمَاكِنِ المُقَدَّسَة، وقَامَتْ عَلَى جَبَلِ الجُلْجُلَةِ مُنْطَرِحَةً عَلَى قَدَمَيِ المَصْلُوبِ تُبَلِّلُهُمَا بِدُمُوعِ التَوْبَة. ولَبِسَتْ لِبْسَ الرِّجَالِ واتَّخَذَتِ اسْمَ بِلاجْيُوس، واعْتَزَلَتْ في مَغَارَةٍ تُمَارِسُ حَيَاةَ الوَحْدَةِ في جَبَلِ الزَيْتُون، مُنْعَكِفَةً عَلَى النُسْكِ والصَمْتِ والصَلاة، فَجَذَبَتْ نُفُوسًا كَثِيرَةً إِلَى اللهِ بِصَلاتِهَا وصَمْتِهَا. واشْتَهَرَتْ قَداسَتُهَا حَتَّى أَصْبَحَ "بِلاجْيُوسُ" النَاسِكُ حَدِيثَ النَاس. وَرَقَدَتْ في الرَبِّ. وكانَتْ وَفَاتُهَا في السَنَةِ 461. صَلاتُهَا مَعَنَا. آمين. |
