| Biography |
تَذكارُ القِدِّيسَةِ كَاتِرِينَا الإِسْكَنْدَرِيَّة هِيَ مِنْ وُجَهَاءِ مَدِينَةِ الإِسْكَنْدَرِيَّة. زَيَّنَهَا اللهُ بِحِدَّةِ الذِهْن، وجَمَالِ النَفْسِ والجَسَد. عَكَفَتْ عَلَى مُطالَعَةِ الكُتُبِ المُقَدَّسَة، فَتَبَيَّنَ لَهَا فَسَادُ عِبَادَةِ الأَوْثَان. ويُرْوَى أَنَّ السَيِّدَ المَسِيحَ تَراءَى لَهَا، بَعْدَ اعْتِمَادِهَا، مُعَبِّرًا لَهَا عَنْ رِضَاهُ بِأَنْ أَلْبَسَهَا خَاتَمًا ثَمِينًا، عُرْبُونَ خِطْبَتِهَا عَرُوسًا لَهُ. فَرِحَتْ فَرَحًا عَظِيمًا وشُــغِــفَــتْ بِمَحَبَّتِهِ ونَــذَرَتْ بَـــتُــولِــيَّــتَــهَا لَــهُ، وأَخَــذَتْ تُــبَــشِّــرُ بِاسْمِهِ. ولَمَّا مَرَّ المَلِكُ مَكْسِيمْيَانُوسُ هِرَقْلِيُوسُ (285-310) في الإِسْكَنْدَرِيَّة، أَقَامَ عِيدًا حافِلًا، تُقَدَّمُ فِيهِ الذَبَائِحُ لِلأَوْثَان، وأَمَرَ أَنْ يَشْتَرِكَ فِيهِ جَمِيعُ سُكَّانِ المَدِينَة. حَضَرَتْ كَاتِرِينَا أَمَامَ المَلِك، وَهُوَ جَالِسٌ في صَدْرِ المَحْفل، وأَخَذَتْ تُبَيِّنُ لَهُ بِالبَرَاهِينِ الجَلِيَّة، عَنْ ضَلالِ الوَثَنِيَّةِ وآلِهَتِهَا الكَاذِبَة. وأَوْضَحَتْ صِحَّةَ الإِيمانِ المَسِيحِيِّ وسُمُوَّ تَعَالِيمِهِ الشَرِيفَة. فَأَدْهَشَتِ المَلِكَ وجَمِيعَ الحاضِرِينَ بِجُرْأَتِهَا وفَصَاحَتِهَا، وأُخِذَ مَكْسِيمْيَانُوسُ هِرَقْلِيُوسُ بِجَمَالِهَا، فَحَبَسَهَا في قَصْرِهِ، بُغْيَةَ أَنْ يُقْنِعَهَا بِعِبَادَةِ الأَصنامِ لِيَتَزَوَّجَهَا. إِسْتَدْعى خَمْسِينَ فَيْلَسُوفًا، فَدَخَلُوا في الجِدالِ مَعَ القِدِّيسَة، فَأَفْحَمَتْهُم بِقُوَّةِ بَراهِينِهَا. حِينَئِذٍ قَالَ الإِمْبِرَاطُورُ لِأُولَئِكَ الفَلاسِفَة: "عَلَيكُم أَنْ تَنْقُضُوا كَلامَهَا وبَراهِينَهَا". أَجَابُوا أَنَّهُمْ قَدْ أَصْبَحُوا مُؤْمِنِينَ بِمَا تُؤْمِنُ بِهِ كَاتِرِينَا، لأَنَّهَا عَلَى حَقٍّ في كُلِّ ما تَقُول. فَاسْتَشَاطَ المَلِكُ غَيْظًا، وأَمَرَ بِهِم فَأَحْرَقُوهُم بِالنار، فَفَازُوا بِإِكْلِيلِ الشَهَادَة. وأَمَرَ بِجَلْدِ كَاتِرِينَا، حَتَّى سَالَتْ دِمَاؤُهَا. ثُمَّ أَعَادَهَا إِلَى السِجْن. فَقَامَتْ تُصَلِّي وتَشْكُرُ الله. ظَهَرَ لَهَا مَلاكُ الرَبّ، وعَزَّاهَا وشَفَى جِراحَهَا. دَخَلَتِ المَلِكَةُ فُوسْتِينَا إِلَيهَا في سِجْنِهَا مَعَ القَائِدِ بُورْفِيرْيُوس، فَأُعْجِبَتْ بِهَا. وكانَتْ تُصْغِي إِلَيهَا فَمَسَّتِ النِعْمَةُ قَلْبَهَا، فَآمَنَتْ بِالمَسِيحِ هِيَ والقَائِدُ بُورْفِيرْيُوس. لَمَّا عَلِمَ المَلِكُ بِذَلِكَ جُنَّ جُنُونُهُ فَأَمَرَ بِضَرْبِ عُنْقَيهِمَا مَعَ عَدَدٍ كَبِيرٍ مِنَ الجُنْدِ الَّذِينَ آمَنُوا. أَخْرَجَ المَلِكُ كَاتِرِينَا مِنْ سِجْنِهَا، وعادَ يُلاطِفُهَا ويُرِيدُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا، فَتُصْبِحَ هِيَ صَاحِبَةَ العَرْش. فَازْدَرَتْهُ القِدِّيسَةُ وَوَبَّخَتْهُ عَلَى قَتْلِهِ امْرَأَتَهُ وسَفْكِهِ الدِماءَ البَرِيئَة. عِنْدَئِذٍ أَمَرَ بِأَنْ تُوضَعَ بَينَ دَوالِيبِ مَرْكَبَةٍ مِنْ سُيُوفٍ مُرْهَفَة، فَتَضَرَّعَتْ إِلَى اللهِ لِيُقَوِّيَهَا، وإِذا بِالدَواليبِ تَتَكَسَّرُ وتَتَطَايَرُ شَظَايَا وتَقْتُلُ عَدَدًا مِنَ الوَثَنِيِّين، فَآمَنَ كَثِيرُونَ وفَازُوا بِالشَهَادَة. فَظَنَّ المَلِكُ أَنَّ ذَلِكَ ضَرْبٌ مِنَ السِحْر، وخافَ العَاقِبَة، فَأَمَرَ بِقَطْعِ رَأْسِ القِدِّيسَة، فَحَنَتْ رَأْسَهَا لِلسَيْفِ وَهِيَ تُصَلِّي وبِذَلِكَ تَمَّتْ شَهَادَتُهَا في 25 تِشْرِينَ الثاني سَنَةَ 307. صَلاتُهَا مَعَنَا.آمين. |
