Biography |
تَذكارُ القِدِّيسِ لُوقَا الإِنْجِيلِيّ وُلِدَ هَذا القِدِّيسُ في أَنْطَاكْيَةَ في أُسْرَةٍ وَثَنِيَّة، وكانَ طَبِيبًا، كَمَا يُسْتَدَلُّ مِنْ رِسَالَةِ القِدِّيسِ بُولُسَ إِلَى أَهْلِ كُولُسِّي (4: 14)، إِذْ يَقُول: "يُسَلِّمُ عَلَيكُمْ لُوقَا الطَبِيبُ الحَبِيب". وقَدْ آمَنَ لُوقَا بِالمَسِيحِ عَلَى يَدِ التَلامِيذِ الَّذِينَ جَاؤُوا مِنْ أُورَشَلِيمَ إِلَى أَنْطَاكْيَة، مُبَشِّرِينَ بِالإِنْجِيل، وتَتَلْمَذَ لِبُولُسَ الرَسُولِ ورافَقَهُ في أَسْفَارِهِ وعَاوَنَهُ في التَبْشِيرِ وقَدْ ذَكَرَهُ بُولُسُ بِاسْمِهِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ (كول 4: 14؛ ف 24؛ 2 تيم 4: 10) وأَشارَ إِلَيهِ في 2 كور 8: 18. شَاطَرَ لُوقَا بُولُسَ جَمِيعَ أَتْعَابِهِ الرَسُولِيَّة، وما تَحَمَّلَهُ مِنَ الشَتَائِمِ والأَخْطارِ فـي رِحْلَتِهِ التَبْشِيـريَّةِ الثَـانِــيَةِ ثُمَّ الثَــالِثَة. ولازَمَهُ مُدَّةَ سَنَتَين (58-60)، طَوالَ إِقَامَتِهِ فـي سِجْنِ قَيْصَرِيَّة، وَهُوَ يَقُومُ بِخِدْمَتِهِ بِكُلِّ غَيْرَةٍ ونَشَاط. ثُمَّ رافَقَهُ إِلَى رُوما أَسِيرًا مِنْ سَنَةِ 60 حَتَّى 62، وكانَ لَهُ خَيْرَ مُعَزٍّ ومُؤَاسٍ في سَلاسِلِهِ وشَدائِدِهِ وحَضَرَ اسْتِشْهَادَهُ في رُوما سَنَةَ 67. جاءَ في "المُقَدِّمَةِ ضِدَّ مَرْقْيُون" (سنة 180): "لُوقَا سُورِيٌّ أَنْطَاكِيّ، طَبِيبٌ وتِلْمِيذٌ لِلرُسُل. رافَقَ بُولُسَ حَتَّى اسْتِشْهَادِهِ، وخَدَمَ بِغَيْرِ لَوْم. لَمْ يَتَزَوَّج، ولا أَوْلَد، وماتَ في بْوَاسْيِه عَنْ 80 عامًا، وَهُوَ مَمْلُوءٌ بِالرُوحِ القُدُس". وبَعْدَمَا كُتِبَتِ الأَنَاجِيل، كَتَبَ مَتَّى في اليَهُودِيَّة، ومَرْقُسُ في إِيطَالْيَا، كَتَبَ لُوقَا الإِنْجِيل، بِإِلْهَامِ الرُوحِ القُدُس، في أَنْحَاءِ أَخَائِيَة. أَشَار، في بَدْءِ إِنْجِيلِهِ، إِلَى أَنَّ أَنَاجِيلَ أُخْرَى قَدْ كُتِبَتْ قَبْلَهُ، ولَكِنَّهُ رَأَى مِنَ الضَرُورِيِّ أَنْ يَعْرِضَ عَلَى المُؤْمِنِينَ مِنْ أَصْلٍ يُونَانيٍّ قِصَّةً كامِلَةً مُرَتَّبَةً لِلأَحْداث، لِئَلَّا تَظَلَّ الأَسَاطِيرُ اليَهُودِيَّةُ تَتَجَاذَبَهُم، أَوْ تَخَيُّلاتُ الهَرَاطِقَةِ الفَارِغَة، والعَارِيَةُ مِنَ الصِحَّةِ تَضُلُّهُم. كَتَبَ لُوقَا كَمُؤَرِّخ، وهَذا ظاهِرٌ أَوَّلًا في المُقَدِّمَة (1: 1-4)، حَيْثُ يَرْوِي بِصِيغَةِ المُتَكَلِّمِ المُفْرَدِ والجَمْع، مُحَدِّدًا مَصَادِرَهُ ومَنْهَجِيَّتَهُ وغَايَتَهُ، ومُقْتَدِيًا بِمُؤَرِّخِي اليُونَانِ القُدامَى، مُفْرَداتٍ وأُسْلُوبًا؛ وثَــانِــيًـا في سِيَاقِ الإِنْجِيل، حَيْثُ يَرْبِطُ أَحداثَهُ بِأَحداثِ التَارِيخِ المُعَاصِرِ الدِينيِّ والمَدَنيّ، كَأَيَّامِ هِيرُودُس، وأَغُوسْطُسَ قَيْصَر وطِيبَارْيُوسَ قَيْصَر، وحَــنَّــانَ وقَــيَــافَــا رَئِــيسَـيِ الأَحـبَــار. تَــقَــيَّــدَ لُـوقَـا، في الإِنْجِيل، بِالتَصْمِيمِ الرَسُولِيِّ التَقْلِيدِيّ، مُراعِيًا التَرْتِيبَ الزَمَنِيَّ والجُغْرافِيّ، ومُضِيفًا إِلَيْهِ إِنْجِيلَ الطُفُولَةِ الخَاصَّ بِهِ. يُقْسَمُ الإِنْجِيلُ اللُوقانِيُّ سِتَّةَ أَقْسام: القِسْمُ الأَوَّلُ، طُفُولَةُ يَوحَنَّا ويَسُوع (1-2)؛ والقِسْمُ الثَاني، كِرازَةُ يُوحَنَّا (3: 1-20)؛ والقِسْمُ الثَالِث، بِشَارَةُ يَسُوعَ في الجَلِيل (3: 21-9: 50)؛ والقِسْمُ الرابِع، صُعُودُ يَسُوعَ إِلَى أُورَشَلِيم (9: 51-19: 28)؛ والقِسْمُ الخَامِس، بِشَارَةُ يَسُوعَ في أُورَشَلِيم (19: 29-21: 38)؛ والــقِــسْــمُ الـسَـادِس، الآلامُ والــقِــيَامَة (22-24). يُشَدِّدُ لُوقَا عَلَى مَوْضُوعاتٍ لاهُوتِيَّةٍ أَهَمُّها: أُورَشَلِيمُ هِيَ المَدِينَةُ المُقَدَّسَة، مَدِينَةُ الخَلاص، وحَدَثُ الصُعُودِ هُوَ ذُرْوَةُ الأَحداثِ الخَلاصِيَّة، والتَوازِي المُعْتَمَدُ بَيْنَ حَيَاةِ يَسُوعَ في الإِنْجِيل، وحَيَاةِ الكَنِيسَةِ في أَعمالِ الرُسُل، وشُمُولُ الخَلاصِ عَلَى يَدَي يَسُوعَ المُخَلِّص. ويُشَدِّدُ الإِنْجِيلِيُّ لُوقَا عَلَى مَوْضُوعاتٍ رُوحِيَّةٍ وخُلُقِيَّةٍ خاصَّة، فَهُوَ إِنْجِيلِيُّ الفَقْرِ والفُقَراء، الزُهْدِ والتَجَرُّد، إِنْجِيلِيُّ الأَناشِيدِ والصَلَوات، إِنْجِيلِيُّ الرَحْمَةِ والغُفْران، إِنْجِيلِيُّ الفَرَحِ وإِنْجِيلِيُّ المَرْأَة. ويُجْمِعُ التَقْلِيدُ الكَنَسِيّ، اسْتِنَادًا إِلَى البَيِّنَاتِ الأَدَبِيَّةِ الداخِلِيَّةِ في نَصِّ أَعْمالِ الرُسُل، أَنَّ لُوقَا كَتَبَ الإِنْجِيلَ في جُزْءَين: حَيَاةُ يَسُوعَ فـي الإِنْــجِــيـل، وحَــيَاةُ الـكَنِيسَــةِ الأُولَى فـي أَعْـمالِ الرُسُل. عاشَ لُوقَا حَيَاةَ البَتُولِيَّة، وماتَ عَنْ عُمْرٍ يُنَاهِزُ الـثَمانِينَ عامًا. ويُرْمَزُ إِلَيْهِ بِالثَوْر، لأَنَّهُ يَسْتَهِلُّ إِنْجِيلَهُ بِالهَيْكَل، وَهُوَ مَكانُ تَقْدِمَةِ الذَبائِح. صَلاتُهُ مَعَنَا. آمين. |