Biography |
تَذكارُ القِدِّيسَيْنِ يُوحَنَّا وبُولُس كانا أَخَوَيْنِ بِالجَسَدِ مِنْ أَشْرافِ رُوما. قَدْ أَقَامَهُمَا المَلِكُ قُسْطَنْطِينُ الكَبِير (306-337) لِلعِنَايَةِ بِشُؤُونِ ابْنَتِهِ قُسْطَنْسْيَا، التي كانَتْ قَدْ نَذَرَتْ بَتُولِيَّتَهَا لِلَّهِ وأَقَامَتْ في مَقْصُورَةٍ خاصَّةٍ بِهَا. أَحْسَنَا القِيَامَ بِمَهَمَّتِهِمَا هَذِهِ ونَالا كُلَّ ثَنَاءٍ واعْتِبَار. وبَعْدَ وَفَاةِ قُسْطَنْطِينَ وابْنَتِهِ قُسْطَنْسْيَا، خَدَمَا كَجُنْدِيَّيْنِ في أَيَّامِ أَبْنائِهِ، وكانَتْ لَهُمَا المَنْزِلَةُ الكُبْرَى والاعْتِبَار. ولَمَّا اسْتَوَى يُولْيَانُوسُ الجَاحِدُ عَلَى مِنَصَّةِ المُلْك (360-363)، تَرَكَا الجُنْدِيَّةَ واعْتَزَلا في دارِهِمَا في رُوما. فَأَرْسَلَ يُولْيَانُوسُ المَلِكُ يَطْلُبُهُمَا لِيَكُونَا عِنْدَهُ في البَلاط، كَمَا كَانَا في بَلاطِ المَلِكِ قُسْطَنْطِينَ وأَبْنائِهِ، وأَنَّهُ يُرِيدُ تَكْرِيمَ مَنْ أَحْسَنُوا الخِدْمَة، أَيَّامَ أَسْلافِهِ. فَأَجَابَا أَنَّهُمَا لا يُرِيدانِ أَنْ يَخْدُمَا مَنْ قَدْ جَحَدَ الإِيمانَ المَسِيحِيّ، بَعْدَ أَنْ وُلِدَ فِيهِ واعْتَمَدَ في الكَنِيسَةِ الكَاثُولِيكِيَّة، وَهُوَ يَضْطَهِدُ المَسِيحِيِّينَ ويُنَكِّلُ بِهِم! فَاسْتَشَاطَ المَلِكُ غَيْظًا وهَدَّدَهُمَا بِالعَذابِ والمَوْتِ وأَعْطاهُمَا مُهْلَةَ عَشَرَةِ أَيَّامٍ لِيُقْلِعَا عَنْ عَزْمِهِمَا. فَلَمْ يَنَلْ مِنْهُمَا ولَمْ يَفُرَّا مِنْ رُوما، وعَرَفَا بِقُرْبِ المَعْرَكَة، فَاسْتَعَدَّا لَهَا بِكُلِّ ما أُوتِيَاهُ مِنْ إِيمانٍ حَيٍّ وشَجَاعَةٍ بُطُولِيَّة. بَاعَا أَمْلاكَهُمَا كُلَّهَا وَوَزَّعَا ثَمَنَهَا عَلَى الفُقَراءِ والكَنائِس، وصَرَفَا العَشَرَةَ أَيَّامٍ في الصَلاةِ والاسْتِعْدادِ لِقَبُولِ الشَهَادَة. وعِنْدَ نِهَايَةِ المُدَّةِ المُعَيَّنَة، أَتَاهُمَا تِيرَانْسْيَانْيُوس، خادِمُ المَلِك، ومَعَهُ صَنَمُ المُشْتَرِي. وأَخَذَ يَحُثُّهُمَا عَلَى الإِذْعانِ لأَمْرِ المَلِكِ والسُجُودِ فَقَطْ أَمَامَ الصَنَمِ الذِي بِيَدَيْهِ، إِرْضاءً لِخَاطِرِ المَلِك، فَأَجاباهُ بِكُلِّ جُرْأَةٍ: "حَاشَا لَنَا أَنْ نُبْدِلَ رِضَى مَلِكٍ سَماوِيٍّ بِرِضَى مَلِكٍ أَرْضِيّ! المَوْتُ في سَبِيلِ رَبِّنَا يَسُوعَ المَسِيحِ خَيْرٌ لَنَا مِنَ الحَيَاة". وإِذْ رَآهُمَا، ثَابِتَيْنِ عَلَى عَزْمِهِمَا، تَأَثَّر، مُعْجَبًا بِهِمَا. فَأَحْضَرَ جُنُودًا حَفَرُوا حُفْرَةً في بُسْتَانِهِمَا وقَطَعُوا رَأْسَيْهِمَا لَيْلًا، وأَلْقَوا جُثَّتَيْهِمَا في تِلْكَ الحُفْرَة. وسَرَتْ إِشَاعَةٌ أَنَّهُمَا تَغَيَّبَا في ذَلِكَ اللَيْل، حَذَرًا مِنْ حُدُوثِ ثَوْرَةٍ بِيْنَ الشَعْب. وكانَ اسْتِشْهَادُهُمَا سَنَةَ 362. وقَدْ آمَنَ خَادِمُ المَلِكِ تِيرَانْسْيَانْيُوسُ بِالمَسِيحِ واعْتَمَد، لِمَا رَآهُ مِنْ شَهَامَةِ ذَيْنِكَ الشَهِيدَيْنِ البَطَلَين، وإِقْدامِهِمَا عَلَى المَوْت، غَيْرَ هَيَّابَين، ودَلَّ المَسِيحِيِّينَ عَلَى قَبْرِهِمَا، فَأَخْرَجُوهُمَا مِنَ الحُفْرَةِ ودَفَنُوهُمَا بِكُلِّ احْتِرام. وقَدْ شُيِّدَتْ مُنْذُ القِدَم، كَنِيسَةٌ في رُوما عَلَى اسْمَيْهِمَا في مَحَلِّ دارِهِمَا. صَلاتُهُما مَعَنَا. آمين. |