Biography |
تَذكارُ القِدِّيسَةِ أُوْسَابْيا (كْسِنْيَا) اسمُهَا في المَعْمُودِيَّةِ إفْسَافْيَا أَوْ أُوسَابْيَا، أي التَقِيَّة. وُلِدَتْ مِنْ والِدَينِ شَرِيفَين، في رُوما. ولَمَّا بَلَغَتْ سِنَّ الرُشْد، رَغِبَ والِدُهَا في زَفِّهَا إِلَى شَابٍّ يَلِيقُ بِهَا، فَلَمْ تَلْقَ الفِكْرَةُ لَدَيهَا تَرْحِيبًا، لأَنَّ رَغْبَةَ قَلْبِهَا عَبْرَ السَنَواتِ كَانَتْ تَقُودُهَا نَحْوَ حَيَاةِ الرَهْبَنَة. فَقَرَّرَتْ أَنْ تُغَادِرَ البَيْتَ سِرًّا قَبْلَ حُلُولِ يَوْمَ الزِفَاف، فَاخْتَارَتِ اثْنَتَينِ مِنْ خَادِمَاتِهَا، كَشَفَتْ لَهُمَا عَمَّا يَجُولُ في نَفْسِهَا، ودَعَتْهُمَا إِلَى مُرافَقَتِهَا فَوافَقَتَاهَا. كَانَتْ أُوسَابْيَا تَعْلَمُ جَيِّدًا أَنَّ والِدَيهَا سَوفَ يَبْحَثانِ عَنْهَا في كُلِّ مَكَان، لِذا اختارَتِ التَوَجُّهَ إِلَى مَكَانٍ بَعِيد. إِسْتَقَلَّتْ مَعَ رَفِيقَتَيهَا مَرْكَبًا حَلَّ في الإِسْكَنْدَرِيَّةِ بَعْدَ أَيَّام، ثُمَّ انْطَلَقْنَ في مَرْكَبٍ آخَرَ إِلَى إحْدَى جُزُرِ اليُونَان، وتُدْعَى كُوس، حَيْثُ وَقَعْنَ عَلَى بَيْتٍ مَعْزُولٍ مُوافِقٍ لَهُنَّ فَاسْتَأْجَرْنَهُ. مُذْ ذاك، غَيَّرَتْ أُوسَابْيَا اسْمَهَا، فَصَارَتْ "كْسِنْيَا"، التي تَعْني الغَريبَة، لأَنَّهَا اختارَتْ بِنِعْمَةِ اللهِ كَإِبراهِيمَ أَنْ تَخْرُجَ إِلَى أَرْضٍ غَريبَة، كَانَتْ مُوقِنَةً أَنَّ اللهَ سَيَشْمَلُهَا فِيهَا بِرَحْمَتِهِ. أَخَذَتِ كْسِنْيَا تَبْحَثُ مَعَ رَفيقَتَيهَا عَنْ مُرْشِدٍ لَهُنَّ. وَلَمْ يَطُلِ الوَقْتُ حَتَّى أَطَلَّ عَلَيهِنَّ راهِب، رَئيسُ دَيْرٍ في مِيلاسَا، إِحْدَى نَواحي جَزيرةِ كُوس، اسْمُهُ بُولُس، وعَرَضَ عَلَيهِنَّ مُرافَقَتَهُ إِلَى دَيْرِهِ، فَفَرِحْنَ كَثِيرًا، وأَقَمْنَ في مَنْسَكٍ هُنَاكَ، وبَنَيْنَ لأَنْفُسِهِنَّ كَنيسَةً عَلَى اسْمِ إِسْطِفَانُوسَ أَوَّلِ الشُهَداء. أَضْحَى المَنْسَكُ فِيمَا بَعْدُ دَيْرًا، عَلَى أَثَرِ انْتِشارِ صِيْتِ قَداسَةِ كْسِنْيَا، وأَقْبَلَ إِلَيهَا النِسْوَةُ يَطْلُبْنَ الحياةَ الملائِكِيَّةَ عَلَى يَدِهَا. ثُمَّ إِنَّ بُولُسَ اختِيرَ أُسْقُفًا لِمِيلاسَا، فَجَعَلَ كْسِنْيَا شَمَّاسَة، رَغْمَ تَحَفُّظِهَا الشَدِيد. يَقُولُ كاتِبُ سِيرَتِهَا، وَهُوَ راهِبٌ مَجْهُول، أَنَّ كْسِنْيَا ضَاهَتْ بِسِيرَتِهَا الملائِكَة، وتَكَبَّدَتْ مِنْ أَجْلِ رَبِّهَا مَشَاقَّ عَظِيمَة. كانَتْ تَــأْكُــلُ مَــرَّةً كُـــلَّ ثَــلاثَــةِ أَيَّــام، وفـي زَمَــنِ الجِهَــادِ مَرَّةً في الأُسْبُوع. طَعَامُهَا مُقْتَصِرٌ عَلَى الخُبْزِ اليابِس، حَتَّى انْعَجَنَتْ سِيرَتُهَا بِالوَداعَةِ والمَحَبَّة. ولَمَّا دَنَتْ سَاعَةُ مُفَارَقَتِهَا، دَعَتْ راهِباتِهَا وزَوَّدَتْهُنَّ بِإِرْشاداتِهَا وبَرَكَتِهَا، ثُمَّ أَقْفَلَتْ عَلَى نَفْسِهَا في الكَنِيسَةِ إِلَى أَنْ أَسْلَمَتِ الرُوحَ سَنَةَ 470، وقَدْ ذَكَرَ شُهُودُ عِيَانٍ أَنَّ الطِيْبَ فاحَ مِنَ الكَنيسَةِ ساعَتَئِذٍ. وقَدْ مَنَحَ اللهُ القِدِّيسَةَ كْسِنْيَا صُنْعَ المُعْجِزات. صَلاتُهَا مَعَنَا. آمين. |