Biography |
تَذكارُ القِدِّيسَةِ جُولْيَا وُلِدَتْ جُولْيَا - ومَعْنَى اسْمِهَا الفَتِيَّة - في مَدِينَةِ قَرْطَاجَةَ (تُونِس) في شَمَاليِّ أَفْرِيقْيَا، في عَائِلَةٍ مَرْمُوقَة، مِنْ والِدَينِ مَسِيحِيَّينِ غَنِيَّينِ بِالرُوحِيَّاتِ والمَادِّيَّات. ولَمَّا اسْتَولَى جِنْسِيرِيكُ مَلِكُ الفَنْدَالِيِّينَ (427-477) عَلَى قَرْطَاجَةَ سَنَةَ 439، أَسَرَهَا وباعَهَا أَمَةً لِتَاجِرٍ سُورِيٍّ وَثَنِيٍّ يُدْعَى أُوسَابْيُوس. أَخَذَهَا وسَارَ بِهَا إِلَى سُورِيَّا، فَكَانَتْ تَخْدُمُهُ بِكُلِّ نَشَاطٍ وأَمَانَة، وتَحُثُّ الخَدَمَ عَلَى ذَلِكَ، وتُعَلِّمُهُمْ قَواعِدَ الإِيمانِ المَسِيحِيّ، مُذَكِّرَةً إِيَّاهُمْ بِوَصِيَّةِ القِدِّيسِ بُولُسَ الرَسُولِ نَحْوَ أَسْيَادِهِم (أف 6: 5-7)؛ وكَانَتْ مُثَابِرَةً عَلَى الصَلَواتِ والتَأَمُّلاتِ وقَهْرِ أَمْيَالِ الجَسَدِ بِالأَصْوامِ والإِمَاتات. إِسْتَطَاعَتِ القِدِّيسَةُ أَنْ تُمَارِسَ إِيمانَهَا في حُرِّيَّةٍ جِهَارًا، ولَمْ يَمْنَعْهَا عَنْ ذَلِكَ سَيِّدُهَا. جَاءَتْ يَوْمًا مَعَ مَولاهَا إِلَى بِلادِ الغَال، وفي الطَرِيقِ حَطَّتِ السَفِينَةُ في كابَ كُورْسُو، في شَمَاليِّ جَزِيرَةِ كُورْسِيكَا، بِهَدَفِ أَنْ يَشْتَرِكَ مَوْلاهَا في تَكْرِيمِ إِلَهِ الشَجَرَة، فَلَمْ تَشَأْ أَنْ تَـــنْـــزِلَ مِــنَ المَرْكَبِ لِـــتَــشْــتَـــرِكَ فــي الاحْـــتِــفَـالِ الــوَثَــنــيّ، وَأَبْــدَتْ مَــقْــتَــهَـا لِخُرافاتِ الـــوَثَــنِــيَّـــةِ مُـــزْدَرِيَـــةً بِهَا. فَــطِــنَ حَــاكِــمُ الــجَــزِيــرَةِ، فِــلِـــيكْــسُ إِلَى أَنَّـــهَــا مَــسِــيــحِــيَّــة، فَــاسْتَحْضَرَهَا وكَلَّفَهَا أَنْ تَشْتَرِكَ في ذَبِيحَةِ الآلِهَةِ فَيُعْتِقَهَا ويُحَرِّرَهَا. فَأَجَابَتْهُ بِجُرْأَةٍ وصَراحَة: "أَنَا حُرَّةٌ بِإِيمانِ المَسِيح، ومَعَاذَ اللهِ أَنْ أَشْتَرِيَ الحُرِّيَّةَ بِجُحُودِ مُعْتَقَدِي وإِيماني. أَمَّا آلِهَتُكَ فَأَرْفُضُهَا مِنْ كُلِّ قَلْبي، لأَنَّهَا لَيْسَتْ إِلَّا أَصْنَامًا لا تَسْمَعُ أَوْ حَيَواناتٍ لا تَنْطِقُ". عِنْدَهَا صَفَعُوهَا عَلَى فَمِهَا وَوَجْهِهَا، حَتَّى امْتَلَأَ فَمُهَا دَمًا، وَهِيَ صَابِرَةٌ صَامِتَة. ثُمَّ سَحَبُوهَا بِشَعْرِهَا وجَلَدُوهَا جَلْدًا قَاسِيًا، حَتَّى تَمَزَّقَتْ لُحْمَانُهَا، فَتَحَمَّلَتْ ذَلِكَ بِصَبْرٍ عَجِيب. أَخِيرًا صَلَبُوهَا عَلَى خَشَبَة، فَابْتَهَجَتْ بِأَنْ تُـشَـابِـهَ فَـادِيَـهَا الإِلَهِيَّ بِمَوْتِهَا، وأَخَـذَتْ تَـهْـتِـفُ قَـائِـلَـةً: "لِـتَـكُـنْ مُـبَـارَكًـا يا إِلَهِي وسَيِّدِي يَسُوعَ المَسِيح، يا مَنْ أَهَّلْتَني أَنْ أَمُوتَ مِثْلَكَ!". ثُمَّ طَارَتْ رُوحُهَا الطَاهِرَةُ إِلَى التَمَتُّعِ بِالمَجْدِ السَمَاوِيِّ مَعَ العَذَارَى الشَهِيدات، وأَصْبَحَتْ شَفِيعَةَ كُورْسِيكَا، وكَانَ ذَلِكَ في سَنَةِ 439. وفي القَرْنِ الثَامِنِ نُقِلَ جَسَدُهَا إِلَى البُنْدُقِيَّة، في إِيطالْيَا وبُنِيتْ كَنِيسَةٌ عَلَى اسْمِهَا. صَلاتُهَا مَعَنَا. آمين. |