Biography |
تَذكارُ القِدِّيسِ بَفْنُوتْيُوسَ المُعْتَرِف وُلِدَ في مِصْرَ في مُنْتَصَفِ القَرْنِ الثَالِث، ومُنْذُ حَداثَتِهِ، عَشِقَ الفَضِيلَة، وانْكَبَّ عَلَى قِراءَةِ سِيَرِ القِدِّيسِينَ والمُتَوَحِّدِين، ورَغِبَ في اقْتِفَاءِ آثارِهِم. ولَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ، تَرَكَ بَيْتَ أَبِيهِ وذَهَبَ إِلَى القِدِّيسِ أَنْطُونْيُوسَ الكَبِيرِ فَتَتَلْمَذَ لَهُ. اشْتَهَرَ بِطَاعَتِهِ وتَجَرُّدِهِ ومَحَبَّتِهِ لِلصَمْتِ ولِلصَلاةِ العَقْلِيَّة، وامْتَازَ بِحِكْمَتِهِ وفِطْنَتِهِ ومَحَبَّتِهِ لِلقَرِيب. ثُمَّ انْفَرَدَ في حَيَاةٍ تَوَحُّدِيَّة، وانْطَلَقَ إِلَى بَرِّيَّةِ الإِسْقِيطِ لِيَسْتَقِرَّ هُنَاكَ، مُتَتَلْمِذًا لِلْقِدِّيسِ مَكَارْيُوسَ الكَبِير. بَعْدَ وَفَاةِ القِدِّيسِ مَكَارْيُوس، صَارَ بَفْنُوتْيُوسُ أَبَا الإِسْقِيط. كانَ شَدِيدَ الغَيْرَةِ عَلَى خَلاصِ النُفُوس: يُرْوَى أَنَّ أَخًا اتُّهِمَ بِخَطِيئَة، فَانْطَلَقَ إِلَى القِدِّيسِ أَنْطُونْيُوس. وبَعْدَ قَلِيلٍ لَحِقَ بِهِ بَعْضُ الإِخْوَةِ لِيَشْتَكُوا عَلَيهِ، وابْتَدَأُوا يُوَجِّهُونَ ضِدَّهُ الاتِّهَامَات، فَتَدَخَّلَ القِدِّيسُ بَفْنُوتْيُوسُ قَائِلًا لِلإِخْوَة: "رَأَيْتُ إِنْسَانًا سَقَطَ في الماء، فَغَطَسَ في الطِينِ حَتَّى رُكْبَتَيهِ. جَاءَ قَوْمٌ لِيُسَاعِدُوهُ ويَنْشُلُوهُ فَمَا كانَ مِنْهُم إِلَّا أَنَّهُم أَغْرَقُوهُ حَتَّى عُنُقِهِ". فَلَمَّا سَمِعَ الأَنْبَا أَنْطُونْيُوسُ ذَلِكَ، قَالَ في القِدِّيسِ بَفْنُوتْيُوس: "أُنْظُرُوا هَذا الإِنْسَان! حَقًّا إِنَّهُ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَرْبَحَ النُفُوسَ ويُخَلِّصَهَا". يُعْتَبَرُ بَفْنُوتْيُوسُ مِنْ كِبَارِ مُدَبِّرِي الحَيَاةِ الرُهْبَانِيَّةِ في القَرْنِ الرابِع. ولَمَّا طَلَبَ الأَسَاقِفَةُ مِنَ القِدِّيسِ أَنْطُونْيُوسَ راهِبًا فَاضِلًا لِيَكُونَ أُسْقُفًا عَلَى الصَعيد، إِحْدَى مُــدُنِ مِـصْـر، قَـدَّمَ لَهُمْ بَــفْـنُـوتْــيُـوس. فَـأَقَامُوهُ أُسْقُفًا رَغْمَ مُمَانَعَتِهِ، فَكانَ في أَبْرَشِيَّتِهِ المُعَلِّمَ والمُرْشِدَ والأَبَ العَطُوفَ والمُحْسِنَ الكَبِيرَ إِلَى الفُقَراء، فَازْدادَ المُؤْمِنُونَ في أَبْرَشِيَّتِهِ، وأَزْهَرَتْ فِيهَا الفَضَائِلُ المَسِيحِيَّة. ولَمَّا قَامَ الاضْطِهَاد، حُكِمَ عَلَى الأُسْقُفِ بِالأَشْغَالِ الشَّاقَّةِ مَعَ عَدَدٍ كَبِيرٍ مِنَ المَسِيحِيِّين. وبَعْدَ أَنْ تَسَلَّمَ قُسْطَنْطِينُ الكَبِيرُ (306-337) عَرْشَ المَمْلَكَةِ الرُومانِيَّة، أَعَادَ الأُسْقُفَ والمَسِيحِيِّينَ إِلَى أَوْطَانِهِم. ولَمَّا انْعَقَدَ المَجْمَعُ المَسْكُونِيُّ الأَوَّلُ في نِيقْيَة (325)، حَضَرَهُ الأُسْقُفُ بَفْنُوتْيُوسُ ودافَعَ عَنْ أُلُوهِيَّةِ المَسِيح. وبَعْدَ المَجْمَعِ عادَ إِلَى رَعِيَّتِهِ يَسُوسُهَا بِحِكْمَةٍ إِلَى أَنْ رَقَدَ بِالرَّبِّ سَنَةَ 360. صَلاتُهُ مَعَنَا. آمين. |