| Biography |
تَذكارُ القِدِّيسَةِ تَائِيس وُلِدَتْ تَائِيسُ في الإِسْكَنْدَرِيَّة، وعاشَتْ يَتِيمَةَ الأَب. إِسْتَغَلَّتِ الوالِدَةُ جَمَالَ ابْنَتِهَا البارِع، وحُــسْـنَــهَـا الــفائِــق، فَأَلْـحَـقَــتْــهَـا بِـالـسُــوقِ الـعـامِّ لِـتَــكْـسَــبَ الـكَـثِير. كانَتِ الفَتَاةُ ذَلِقَةَ اللِسَانِ لَبِقَةَ الحَدِيث، فَأَسَرَتْ كَثِيرِينَ بِحُبِّهَا، وأَمْسَتْ شَرَكًا لاقْتِنَاصِ الكَثِيرِينَ إِلَى الإِثْم. فَأَلْهَمَ اللهُ القِدِّيسَ بِيصَارْيُونَ لِيَدْعُوَهَا إِلَى الــــتَــوْبَـــة، فَــاحْتَالَ لِلْوُصُولِ إِلَيْهَا، وجَاءَهَا مُتَنَكِّرًا، وأَخَذَ يُبَيِّنُ لَهَا فَظَاعَةَ حَالَتِهَا وسُوْءَ مَصِيرِهَا، فَــــتَـــأَثَّـــرَتْ جِـــدًّا ومَــسَّــتِ الــنِـــعْــمَــةُ قَـــلْـــبَـــهَــا، وظَهَرَتْ لَهَا شَنَاعَةُ خَطِيئَتِهَا. فَانْطَرَحَتْ عَلَى قَدَمَيِ القِدِّيس، وسَأَلَتْهُ أَنْ يَفْرِضَ عَلَيْهَا كَفَّارَةً تَمْحُو خَطَايَاهَا الكَثِيرَة، فَأَخَذَهَا إِلَى البَرِّيَّة، بَعْدَ أَنْ أَحْرَقَتْ في وَسَطِ المَدِينَةِ جَمِيعَ ما رَبِحَتْهُ مِنَ الزَنَا مَعَ الأَغْنِيَاء. وأَوْصَلَهَا إِلَى دَيْرِ راهِبَاتٍ وحَبَسَهَا في قِلَّايَة، وأَمَرَ الأُمَّ الرَئِيسَةَ بِأَنْ تُنَاوِلَهَا خُبْزًا ومَاءً قَلِيلًا فَقَطْ مِنْ طَاقَةٍ صَغِيرَة. ثُمَّ قَالَتْ لَهُ تَائِيس: يا أَبَتَاهُ بِمَاذا تَأْمُرُني أَنْ أُصَلِّيَ لِيَغْفِرَ اللهُ لي؟ فَأَجَابَهَا القِدِّيسُ بِيصَارْيُون: إِجْلِسِي نَاظِرَةً إِلَى الأَرْض، وأَنْتِ تَقُولِينَ يا مَنْ خَلَقْتَني إِرْحَمْني!". فَاسْتَقَامَتْ تَائِيسُ التَائِبَةُ هَكَذَا ثَلاثَ سِنِين. وأَخِيرًا أَبْصَرَ القِدِّيسُ بُولُسُ البَسِيطُ في صَلاتِهِ كُرْسِيًّا في السَمَاءِ مُزَيَّنًا بِمَجْدٍ عَظِيم، تَحْمِلُهُ ثَلاثَةُ مَلائِكَةٍ وأَمَامَهُ ثَلاثَةُ مَصَابِيح، فَظَنَّ بِأَنَّ هَذا الكُرْسِيَّ مُعَدٌّ لِمُعَلِّمِهِ الأَنْبَا أَنْطُونْيُوسَ الكَبِير. فَسَمِعَ مِنَ المَلائِكَةِ أَنَّهُ لِتَائِيسَ التَائِبَة. في الصَبَاحِ انْطَلَقَ القِدِّيسُ بُولُسُ يَرْوِي لِلْقِدِّيسِ أَنْطُونْيُوسَ رُؤْيَاه، وإِذْ سَمِعَهَا الأَنْبَا بِيصَارْيُونُ فَرِحَ جِدًّا واسْتَأْذَنَ مُنْصَرِفًا، ومَضَى إِلَى بَيْتِ الـعَـذَارَى لِـيُـخْـرِجَ تَـائِـيـسَ مِـنْ قِـلَّايَتِهَا الصَغِيرَةِ الحَبِيسَةِ فِيهَا، أَمَّا هِيَ فَبِانْسِحَاقٍ تَرَجَّتْهُ أَنْ يَتْرُكَهَا فِيهَا حَتَّى يَوْمِ انْتِقَالِهَا. لَمْ تَبْقَ في القِلَّايَةِ سِوَى حَوالَي أُسْبُوعَين، حَيْثُ مَرِضَتْ وأَسْلَمَتْ رُوحَهَا في يَدَيِ الله، وقَدْ تَرَكَتْ لَنَا مَثَلًا حَيًّا لِعَمَلِ اللهِ الفَائِقِ في حَيَاةِ الإِنْسَان، مَهْمَا كَانَتْ شُرُورُهُ! وهَكَذَا، إِنْصَرَفَتْ إِلَى رَبِّهَا بِسَلامٍ سَنَةَ 350. صَلاتُهَا مَعَنَا. آمين. |
